تدهور أوضاع سكان غزة.. وتأخر الإعمار

تدهور أوضاع سكان غزة.. وتأخر الإعمار
تتفق منظمات فلسطينية ودولية في التحذير من مخاطر تصاعد معدلات الفقر والبطالة في قطاع غزة بشكل قياسي وتفاقم تدهور أوضاع سكانه بعد ستة أشهر من انتهاء عدوان إسرائيلي مدمر على القطاع. وتلاشت تطلعات إحداث انفراج في الظروف المعيشية والاقتصادية لسكان قطاع غزة بعد موجة العنف الأخيرة في ظل حالة الشلل القائمة فيه وتعثر جهود إعادة إعماره رغم التعهدات الدولية بتوفير الدعم المالي اللازم. وكان يؤمل عقب إعلان اتفاق وقف إطلاق النار الأخير في غزة أن يضع حدا لشدة الحصار الإسرائيلي المفروض عليها خصوصا ما يتعلق بفتح المعابر وإدخال تسهيلات على سير الاستيراد والتصدير.
غير أن مسؤولين فلسطينيين يقولون: إن قيود إسرائيل مستمرة، والمعبرين اللذين يربطاها مع قطاع غزة لم يشهدا سوى تسهيلات مقلصة لا تساهم في انفراجة حقيقية للأوضاع الاقتصادية المتدهورة بشدة.
ويقول النائب الفلسطيني المستقل جمال الخضري الذي يرأس «اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار» على غزة لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): إن الأوضاع في القطاع «أسوأ حالا بكثير» مما كانت عليه قبيل الهجوم الإسرائيلي الأخير.
ووصف الخضري الوضع في غزة بأنه «مرعب وكارثي سواء على صعيد الوضع الإنساني أو الاقتصادي أو الصحي أو البيئي أو التعليمي أو الاجتماعي خاصة في ظل تعثر عمليات إعادة الإعمار وبناء ما دمر في العدوان الإسرائيلي».
ويشير إلى أن أكثر من ثلثي سكان قطاع غزة البالغ عددهم زهاء مليون و800 ألف نسمة يعيشون حاليا على المساعدات في ظل متوسط دخل للفرد لا يتجاوز دولارا أميركيا واحد يوميا.
وينبه الخضري إلى أن %70 من سكان قطاع غزة يعيشون تحت خط الفقر، فيما نسبة البطالة تصل إلى أكثر من %60، بالإضافة إلى أن %95 من المياه غير صالحة للشرب، وآلاف النازحين ما زالوا يقيمون في مراكز إيواء جماعية.
ويدفع استمرار تعطيل إعادة إعمار قطاع غزة بعد هدم آلاف المنازل السكنية ودمار هائل في البنى التحتية حتى الآن بمصاعب اقتصادية حادة.
وتضررت أكثر من خمسة آلاف منشأة اقتصادية ودمرت 500 منها بشكل كلي في عدوان عسكري شنته إسرائيل لمدة 50 يوما متواصلة على قطاع غزة في يوليو وأغسطس الماضيين. وتعهدت الدول المانحة بجمع مبلغ 5.4 مليار دولار للفلسطينيين على أن يخصص نصفه لصالح إعادة إعمار قطاع غزة خلال مؤتمر دولي عقد في القاهرة في 12 من الشهر الماضي.
لكن عمليا لم يتم حتى الآن المباشرة بمشاريع إعادة الإعمار باستثناء ترميم منازل متضررة جزئيا، فيما يقول مسؤولون فلسطينيون ومنظمات دولية: إن ما وصل من تمويل دولي للإعمار في القطاع لا يتجاوز %2.
ويقول المسؤول في الغرفة التجارية في غزة ماهر الطباع لـ (د.ب.أ): إن اقتصاد قطاع غزة يعاني من مرحلة «موت سريري تعد الأسوأ منذ عقود بفعل سنوات الحصار والتضييق من جهة الهجوم الإسرائيلي الأخير من جهة أخرى».
ويوضح الطباع أن قطاع غزة يواجه «كسادا تجاريا غير مسبوق، وتوقفا شبه كلي لمختلف الأنشطة التجارية نتيجة استمرار الحصار وتعطيل إعادة الإعمار حتى الآن بما يضمن استئناف عمل المنشآت الاقتصادية المتضررة».
ويشير إلى استمرار فرض إسرائيل قيودا مشددة على عمل معابر قطاع غزة بما في ذلك تقييد توريد مواد البناء والمواد الخام من جهة ومنع تصدير منتجات القطاع إلى الخارج إلا بالحد الأدنى.
وينبه الطباع إلى أن انعدام القدرة الشرائية وأزمات نقص الخدمات الأساسية تهددان بنسبة انكماش اقتصادي وتراجع في النمو في قطاع غزة قد تصل إلى %15 بحسب معطيات صندوق النقد الدولي.
وفاقمت الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية من تدهور الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة خصوصا لنحو 70 ألف موظف يتلقون رواتبهم منها بعد أن أجبرت على صرف %60 فقط من رواتبهم للشهرين الماضيين بسبب حجز إسرائيل أموال الضرائب المستحقة لها منذ مطلع العام الجاري. كما تستمر أزمة عدم صرف رواتب نحو 45 ألف موظف عينتهم حركة «حماس» في حكومتها المقالة السابقة في قطاع غزة ولم يتم حل ملفهم من قبل حكومة الوفاق الوطني حتى الآن.
ودفع التدهور الحاصل في أوضاع غزة بثلاثين منظمة دولية تنشط في قطاع غزة إلى التحذير من أن استئناف العنف سيكون حتميا في القطاع حال استمرار عدم التقدم بإعادة الإعمار وعلاج الأسباب الجذرية للصراع مع إسرائيل. وأعربت تلك المنظمات وبينها وكالات الأمم المتحدة المتخصصة في بيان صحافي مشترك لها، عن قلقها إزاء «التقدم المحدود» في إعادة إعمار القطاع بعد ستة شهور من انتهاء الهجوم الإسرائيلي الأخير عليه.
وذكرت المنظمات أن الحصار الذي تفرضه إسرائيل مستمر على غزة فيما العملية السياسية إلى جانب الاقتصاد مصابان بالشلل، ويعاني سكان القطاع من تدهور في ظروفهم المعيشية.
وبحسب المنظمات الدولية فإنه يتوجب تعزيز وقف إطلاق النار الهش في غزة واستئناف المفاوضات للتوصل إلى تسوية شاملة للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني واحترام القانون الدولي وتقديم المسؤولين عن الانتهاكات للعدالة.
ويقول مدير المنظمات الأهلية الفلسطينية أمجد الشوا لـ (د.ب.أ): إن على المنظمات الدولية عدم الاكتفاء بإصدار بيانات التحذير من تدهور الأوضاع في غزة واتخاذ خطوات أكثر جدية ضمن مسؤولياتها عن ذلك.
ويضيف الشوا أنه «مطلوب من المنظمات الدولية القيام بدورها بتحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية تجاه قطاع غزة خاصة الضغط لرفع الحصار الإسرائيلي ودفع عجلة إعادة الإعمار لإنهاء معاناة النازحين ممن دمرت منازلهم».
ويشير إلى أن قطاع غزة يمر بأسوأ ظروفه على كافة المستويات خاصة في المجال الإنساني في ظل استمرار تعثر إعادة الإعمار ومعالجة الآثار الكارثية لسنوات الحصار وجولات العنف المتكررة.
ويشدد الشوا على أن الوضع الإنساني في غزة «مرشح للتدهور أكثر وبشكل أخطر وهو ما يتطلب من كافة الأطراف الدولية الضغط لرفع الحصار الإسرائيلي وتدفق أموال المانحين لإعادة الإعمار».
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -