بسطات العيد تكافح "البطالة" في غزة

بسطات العيد تكافح "البطالة" في غزة
تنتشر في المناسبات السنوية.. وتوفير دخلاً محدوداً


أخر تحديث: الأربعاء, 08 سبتمبر, 2010, 11:43 بتوقيت القدس
غزة- أدهم الشريف
في الوقت الذي يلفظ فيها شهر رمضان المبارك أيامه الأخيرة، تتضاعف أعداد البسطات بنسب كبيرة وتملأ أسواق غزة، حيث يوفر العشرات من المواطنين خاصة أصحاب الدخل المحدود بعض المال لإعالة أسرهم من خلال تلك البسطات.
في سوق عمر المختار أو ما يعرف بسوق "البلد"، تأخذك قدماك عبر خطوات هادئة وبطيئة بين ممرات صنعتها كثافة البسطات وازدحمت بكثافة الناس والمتجولين الذين ملؤوا شارع عمر المختار، أحد أهم الشوارع الرئيسية في وسط مدينة غزة.
وتتنوع السلع المعروضة فوق البسطات التي امتدت من بداية الشارع إلى آخره، فعليها تُباع المشروبات، والمأكولات، والحلويات، والإكسسوارات، والأحذية، والملبوسات وغيرها الكثير من أنواع وأصناف مختلفة من المواد والسلع.
في أحد أروقة السوق، كان الشاب جلال زويد (27 عاماً) يقف على بسطته وهو يفاصل بعض النسوة ممن أتين ليشترين ما تبتغيه نفسهن بمناسبة العيد الذي يطل على المسلمين نهاية الأسبوع الجاري.
ويضطر زويد إلى الوقوف على قدميه لساعات طويلة في هذه الأيام الأخيرة من شهر رمضان والتي تسبق عيد الفطر، وهو سادس عيد يمر على أهل غزة في ظل حصار مطبق تفرضه (إسرائيل).
وقال زويد الذي يبيع الأحذية: "لقلة العمل هذه الأيام وحاجة البيت لجأت للبيع في الأسواق لتوفير الدخل اللازم".
والشاب زويد هو خريج جامعة، إذ تخرج من الجامعة الإسلامية عام 2004، بمعدل 89.5%، في تخصص الشريعة الإسلامية.
ولأنه لم يحصل على وظيفة منذ ذلك الحين، لجأ إلى الدراسة في كلية التمريض- دبلوم- في جامعة الأزهر بغزة، إضافة إلى عمله بالأسواق وغير ذلك.
ويحاول جلال الذي بدت ملامح الرزانة واضحة على وجهه، توفير قدر مناسب من المال ليتمكن من تلبية احتياجات أسرته خاصة أنه أب لطفل أسمه معاذ (عام ونصف) ولطفلة أسمها "مها" تبلغ من العمر 7 أشهر.
لكن زويد قال بعد أن جالت عيناه على بسطته المليئة بالأحذية النسائية: "الدخل المادي العائد من وراء البسطة قليل، ولا يُلبي 60% من احتياجات أسرتي".
ويجد المئات من المواطنين في مختلف محافظات قطاع غزة خاصة من فئة الفقراء وأصحاب الدخل المحدود، في الأيام التي تسبق الأعياد فرصة ثمينة لتوفير أو زيادة الدخل من خلال البيع بواسطة البسطات في الأسواق.
بعد أن وقفت "فلسطين" مع الشاب زويد وتحدثت إليه، غادرته لتتجول في السوق بخطوات بطيئة إلى أن وصلت منتصفه الذي عجَّ بشكل ملحوظ بالمشترين الذين تفرقوا على البسطات التي تعالى صوت أصحابها في سبيل جذب الشاريين.
من بين أصحاب تلك البسطات كان شاب طويل القامة مفتول العضلات يرتدي فانيلا حمراء اللون، يُدعى أحمد شمالي، ينادي بأعلى صوته "أرب.. أرب أحلى بلوزة على 10 شيكل".
ويُزَمجِرَ الشاب شمالي بصوته وهو يقف على بسطته لا للإعلان عن بضاعته قط، فقد كانت البسطة التي يمتلكها ويبلغ طولها قرابة 7 أمتار كفيلة بالإعلان، وإنما محاولة منه للتدليل على بضاعته التي تكسو طول البسطة وعرضها.
شمالي البالغ من العمر 20 عاماً، صاحب الوجه الأبيض والعينين الخضراوتين ، ترك المدرسة منذ أن كان في مرحلة الإعدادية ليتنقل بين عدة أعمال إلى أن استقر في مهنة البيع بالأسواق.
ويرى شمالي في تلك المهنة صيداً ثميناً لتحصيل المال اللازم لإعالة أسرته المكونة من 8 أفراد، لكنها لم تحقق له المراد هذا الموسم.
وعلى مدار ساعات عمل الشاب شمالي بين فترة الصباح إلى الساحة الحادية عشرة مساءً، ليُحَصِّل ما يزيد عن 80 شيكلاً يومياً، إذ لا تكفي لسد 50% من الاحتياجات اليومية لأسرته، كما قال شمالي لـ"فلسطين".
أما الشاب هاني عياد (30 عاماً) فلم تختلف ظروفه عن ظروف من تحدثت إليهم "فلسطين"، إذ كان يقف بجوار بسطته وهو يحاول أن يعرض بضاعته من لباس الأطفال والشباب بشكل مُنمَق لجذب الزبائن.
قال عياد بعد أن انتهى من بيع بعض الملبوسات لطفلة جاءت برفقة والدتها للسوق: "سابقاً، كنت أعمل خيَّاط، ومنذ فترة طويلة أبيع في الأسواق خاصة في فترة الأعياد، والمناسبات السنوية".
وكثير من السلع المعروضة في أسواق غزة يجري جلبها عبر الأنفاق الممتدة أسفل الشريط الحدودي الفاصل بين مدينة رفح في جنوب القطاع، ودولة مصر.
ويحصِّل عياد قرابة 50 شيكلاً من وراء البيع على البسطات هذا الموسم، لكنه كان يُحصِّل الضعف خلال عمله في الخياطة سابقاً، وفق قوله.
وكانت مهنة الخياطة في غزة إحدى المهن التي تشهد إقبالا شديداً من قِبل المواطنين، إلا أن الحصار الذي تفرضه (إسرائيل) منذ ما يزيد عن ثلاثة أعوام على القطاع، كان له دور في إقفال العشرات من تلك المصانع وتكبد أصحابها خسائر كبيرة.
ويأمل عياد أن يلتحق بوظيفة تُوفر له الحياة الكريمة ولأسرته، علماً بأنه أب لولدين وابنتين، فيما أشار إلى أن ما يعود عليه لا يسد رمق أسرة مكونة من 5 أفراد.
وارتفعت نسبة البطالة في غزة نتيجة الحصار الذي تسبب في توقف العديد من الأعمال والمهن والحرف والمصانع والشركات وقطاع الإنشاءات فضلاً عن نقص الإمكانيات.
وتؤكد الغرفة التجارية الفلسطينية في غزة، أن نسبة البطالة بلغت 45%، وفق تقديرات منظمة العمل الدولية التي ينص أحد قوانينها على أن الشخص إذا عمل لساعة واحدة في الشهر لا يدرج على بند البطالة.
لكن مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية ماهر الطباع، رأى أن نسبة البطالة في قطاع غزة تفوق 65% وفق المنظور العملي والميداني في غزة.
وأشار لـ"فلسطين" إلى أن ما تسبب في تعالي وتيرة البطالة هو عدم السماح لفئة العمال من سكان قطاع غزة من العمل داخل الأراضي المحتلة عام 1948، فضلاً عن توقف عمل قرابة 8000 غزِّي كانوا يعملون في منطقة بيت حانون "ايرز" الصناعية شمال القطاع اثر انسحاب اليهود من القطاع أواخر عام 2005.
لكن الطباع رأى أن نسبة البطالة بدأت في الانخفاض هذه الأيام في ظل دخول البعض من مواد البناء وغيرها من الإمكانيات التي من شأنها أن توفر عشرات فرص العمل للعاطلين.
المصدر: صحيفة فلسطين
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -