أزمة الكهرباء تلقي بظلالها على كافة مناحي الحياة في قطاع غزة

أزمة الكهرباء تلقي بظلالها على كافة مناحي الحياة في قطاع غزة

د. ماهر تيسير الطباع
خبير و محلل اقتصادي
منذ أن قصفت إسرائيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة في منتصف عام 2006 وذلك بعد عملية أسر الجندي شاليط , يعاني قطاع غزة و على مدار أكثر من سبع سنوات من انقطاع التيار الكهربائي الدائم والمستمر وبشكل يومي مما زاد من معاناة المواطنين في قطاع غزة الاقتصادية و الاجتماعية و الصحية و النفسية و تقطع الكهرباء يوميا من 8 ساعات إلى 12 ساعة حسب حجم الأحمال و الضغط على الشبكة.
وأدى توقف محطة الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة يوم الجمعة 1/11/2013 , و انقطاع السولار و البنزين المصري الوارد عبر الأنفاق إلى تفاقم الأزمة بشكل كبير حيث أصبحت الكهرباء تقطع بمعدل يصل إلى 18 ساعة يوميا أي بمعدل 6 ساعات وصل للتيار الكهربائي فقط , ونتيجة للظروف الاقتصادية السيئة في قطاع غزة بفعل الحصار الإسرائيلي عزف المواطنين في قطاع غزة عن استخدام السولار و البنزين الإسرائيلي نتيجة لارتفاع سعره عن المصري بما يزيد عن الضعف , مما أدى إلي تشغيل المولدات الخاصة بالأبراج و العمارات السكنية في الحالات الضرورية فقط و تخفيض ساعات التشغيل الخاصة بتلك المولدات نتيجة للتكاليف العالية للتشغيل , حيث أن تكلفة تشغيل مولد متوسط الحجم بالساعة تقدر بمائة شيكل وتتحمل الشقق السكنية في الأبراج و العمارات السكنية أعباء مالية مضاعفة نتيجة استخدام السولار الإسرائيلي والتي تصل قيمتها من 200 إلى 300 شيكل شهريا لكل شقة سكنية , هذا بالإضافة إلي قيمة فاتورة الكهرباء الشهرية و التي تأتي و كأن الكهرباء موصولة على مدار 24 ساعة.
وتأثرت كافة القطاعات الاقتصادية بفعل أزمة الكهرباء , القطاع التجاري و الصناعي و الزراعي هذا بالإضافة إلى كافة قطاعات الخدمات , وتأثر القطاع التجاري بقلة الحركة التجارية وضعف القوة الشرائية لدي المواطنين نتيجة لارتفاع معدلات البطالة والفقر , إضافة إلى الأعباء المالية التي يتحملها أصحاب المحال التجارية نتيجة شراء السولار والبنزين و صيانة المولدات.
أما على صعيد القطاع الصناعي أدي انقطاع التيار الكهربائي لزيادة تكلفة الإنتاج و انخفاض الطاقة الإنتاجية للمصانع  و اتجه العديد من أصحاب المصانع إلى تشغيل العملية الإنتاجية في مصانعهم حسب جدول الكهرباء , حيث أنهم لا يستطيعون استخدام السولار الإسرائيلي لارتفاع تكاليفه مما سوف يساهم في ارتفاع تكلفة المنتج , وتكبدهم خسائر فادحة نتيجة تلف العديد من المنتجات خاصة في الصناعات الغذائية هذا بالإضافة إلى تكاليف صيانة الماكينات و الآلات و الأجهزة الالكترونية نتيجة تكرار الأعطال و عدم انتظام التيار الكهربائي. 
ولم يكن حال القطاع الزراعي بالأحسن حيث أدي انقطاع التيار الكهربائي إلى توقف المئات من آبار المياه عن العمل , وعدم توفر المياه اللازمة لري المزروعات المختلفة وتعرض العديد من المحاصيل الزراعية للتلف، بسبب توقف الآلات التشغيلية كما تأثرت مصانع التعليب والفرز والتي تعتمد على التبريد بشكل كبير.
كما أثر انقطاع الكهرباء على عمل مزارع الدواجن وعمليات الإنتاج والتفريخ ، ومطاحن القمح و مصانع الأعلاف ومصانع منتجات الألبان ، وأدى انقطاع التيار الكهربائي إلى تلف العديد من الأدوية البيطرية واللقاحات التي تحفظ في مستودعات الأدوية في ظروف تبريد خاصة.
أما على الصعيد الاجتماعي فالعديد من المواطنين لقوا حتفهم بسبب مولدات الكهرباء إما نتيجة لسوء الاستخدام أو لعدم جودة تلك المولدات وعدم وجود أنظمة الحماية الكافية فيها و نتيجة للتخزين الخاطئ للسولار و البنزين , كما أن العديد من المواطنين أصيبوا بحالات اختناق , حتى وصلنا إلى تحديد الزيارات العائلية و الاجتماعية بناء على جدول الكهرباء .
إن استمرار توقف محطة الكهرباء و انقطاع الكهرباء عن قطاع غزة لمدة 18 ساعة يوميا ينذر بكارثة حقيقة سوف تؤثر على الأمن الغذائي الأساسي للمواطنين حيث أن العديد من المطاحن و المخابز أوشكت على التوقف عن العمل , كما ينذر بكارثة في كافة القطاعات الخدماتية و أهمها الصحة، والتعليم، إضافة إلى عمل البلديات التي تحتاجه لاستمرار عمل مضخات الصرف الصحي، وآبار المياه ومحطات تحليه المياه.
وبالرغم من أزمة الكهرباء في قطاع غزة إلا أنة ومن الملاحظ أن أرباح الشركة الفلسطينية للكهرباء PEC  شهدت ارتفاع خلال السنوات الأخيرة و حسب بيانات الربع الثالث لعام 2013 فإن أرباح الشركة تجاوزت 8 مليون دولار , هذا بالإضافة إلى ارتفاع سعر سهم الشركة الفلسطينية للكهرباء في بورصة فلسطين للأوراق المالية إلى أكثر من 35% خلال السنوات الأخيرة , حيث تبلغ قيمته الآن 1.38 دولار !!!!!!!!!!!.

و الآن وبعد سبع سنوات من المعاناة المتواصلة لأكثر من مليون وثمانمائة ألف مواطن يعيشون في قطاع غزة , أصبح من الضروري إيجاد حل جذري شامل لازمة الكهرباء التي مست بحقوق المواطنين وأثرت بالسلب على كافة مناحي حياتهم.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -