الخسائر المباشرة لقطاع غزة تتجاوز 500 مليون دولار

الخسائر المباشرة لقطاع غزة تتجاوز 500 مليون دولار
د. ماهر تيسير الطباع
خبير و محلل اقتصادي
تجاوزت الخسائر المباشرة لكافة الانشطة الاقتصادية في قطاع غزة 500 مليون دولار خلال الخمسة شهور والنصف الاخيرة , و ذلك بفعل توقف بعض الانشطة الاقتصادية بشكل كامل و إنخفاض الإنتاجية في الانشطة الاقتصادية الاخري , حيث تراجعت مساهمة الانشطة الاقتصادية في الناتج المحلى الاجمالي بنسبة 60% خلال تلك الفترة , هذا بالإضافة إلى ما تكبدة التجار ورجال الأعمال و الصناعيين من خسائر نتيجة توقف أعمالهم.
ويأتي ذلك نتيجة لتراكمات الحصار الاسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ سبع سنوات , وإغلاق الانفاق مع جمهورية مصرية العربية والتي كانت تمثل شريان الواردات من البضائع التي يمنع الاحتلال دخولها إلى قطاع غزة عبر المعبر الرسمي  مثل (مواد البناء – العديد من المواد الخام الأولية اللازمة للقطاع الصناعي – الوقود) , هذا بالإضافة إلى أزمة الكهرباء الطاحنة التي يمر بها قطاع غزة منذ 45 يوم وتداعيتها السلبية على العمليات الإنتاجية في كافة القطاعات و الانشطة الاقتصادية , وأتت العاصفة الاخيرة لتعمق جراح قطاع غزة المحاصر وتكشف ضعف البنية التحتية والامكانيات المتاحة للتعامل مع تلك الكوارث , حيث خلفت العاصفة كارثة إنسانية كبيرة نتيجة تشريد الاف العائلات من منازلهم بعدما غمرتها المياة.

وبفعل الحصار وإغلاق الانفاق توقف قطاع الانشاءات عن الانتاجية بشكل كامل حيث كان يعتمد هذا القطاع بالدرجة الاولى على مواد البناء الواردة عبر الانفاق في ظل منع الاحتلال من دخولها عبر المعبر الرسمي منذ فرض الحصار , ويعتبر قطاع الإنشاءات من اكبر القطاعات المشغلة للعمالة ويساهم بنسبة 27% في الناتج المحلى الاجمالي أي ما يعادل 135 مليون دولار خلال الربع الثاني من عام 2013 , وساهم خلال الثلاث سنوات الاخيرة في إنخفاض معدلات البطالة في قطاع غزة نتيجة إلى انتشار حركة بنيان واسعة للعمارات والابراج السكنية الخاصة و تنفيذ بعض مشاريع البنى التحتية الممولة محليا و الممولة من المؤسسات المتضامنة مع قطاع غزة و المؤسسات الدولية.

كما تأثر القطاع الصناعي بشكل كبير نتيجة لإعتماد بعض الصناعات على المواد الخام الاوليه الواردة عبر الانفاق ( الصناعات الإنشائية , الصناعات الكميائية, الصناعات المعدنية ) , مما تسبب بإنخفاض الانتاجية في هذا القطاع بشكل ملحوظ , هذا بالإضافة إلى أثر أزمة الكهرباء التي تضرب قطاع غزة , وإنقطاع السولار المصري وعدم التمكن من الانتاج بإستخدام السولار الإسرائيلي لارتفاع تكاليفه مما سوف يساهم في ارتفاع تكلفة المنتج و يصبح غير منافس في الاسواق المحلية.

كل هذا كان له الأثر البالغ على القطاع التجاري حيث يشهد قطاع غزة حالة ركود شديدة في الاسواق لم تشهدها أسواق قطاع غزة من قبل , وذلك نتيجة إلى إرتفاع معدلات البطالة وضعف القدرة الشرائية للمواطنين , وبفعل الركود التجاري إنخفضت حركة الواردات عبر معبر كرم أبو سالم  إلى قطاع غزة حيث بلغ عدد الشاحنات الواردة يوميا ما بين 200-250 شاحنة , بعدما وصل إلى 450 شاحنة بعد إغلاق الانفاق من الأصناف المسموح دخولها إلى قطاع غزة.

وتأثر قطاع السياحة بشكل كبير خلال سنوات الحصار , ومع إغلاق معبر رفح الاخير باتت الفنادق والمنتجعات السياحية والمطاعم، المنتشرة على ساحل بحر غزة، بلا عمل بعد عزوف  الوفود المتضامنة عن القدوم إلى قطاع غزة و أصبحت نسبة إشغال الفنادق والمطاعم والمنتجعات السياحية معدومة في القطاع.
 و اقتصرت السياحة في قطاع غزة خلال سنوات الحصار على وفود التضامن الأجنبية القادمة من خلال معبر رفح وعملت على إنعاش في القطاع السياحي , وهي عبارة عن زيارات مؤازرة لكن لها المردود الايجابي حيث كانت تنعش قطاع السياحة من خلال حجوزات الفنادق والذهاب للمطاعم وشراء إحتياجتهم من الاسواق خلال فترة إقامتهم.
وإنتعشت السياحة الداخلية خلال فترة الحصار وإغلاق المعابر بسبب عزوف الفلسطينيين من السفر للخارج بسبب إغلاق معبر رفح المتكرر وانتشرت السياحة الداخلية بشكل كثيف وتمثلت في انتشار المنتجعات والمطاعم والتي ولاقت إقبالا كبيرا لدى المواطنين.

كما تأثر قطاع النقل و المواصلات بشكل سلبي نتيجة عدم دخول الوقود عبر الانفاق و الذي إعمتد علية سكان قطاع غزة في كافة مناحى الحياة على مدار سنوات الحصار , حيث كان لة الاثر الكبير في إنتعاش الاقتصاد نتيجة لإنخفاض أسعارة , واليوم بعد إغلاق الانفاق أصبح من الصعب الاعتماد على الوقود الاسرائيلي نتيجة مضاعفة سعرة عن الوقود المصري في ظل الاوضاع الاقتصادية و المعيشية الصعبة التى يعاني منها مواطني القطاع , ويعاني قطاع غزة في هذة الفترة من أزمة مواصلات خانقة .

كل ما سبق أدى إلى إرتفاع معدلات البطالة في قطاع غزة في الربع الثالث من عام 2013 إلى 32.5% بواقع 130 ألف عاطل عن العمل مقارنة بالربع الثاني من عام 2013 و التى بلغت فية معدلات البطالة 27.9% أي أن نسبة الارتفاع بلغت حوالي 5% ومن المتوقع أن ترتفع معدلات البطالة في الربع الرابع من عام 2013 لتلامس 40% نتيجة إستمرار الوضع على ما هو علية , ويعتبر الربع الثاني لعام 2011 من افضل فترات الحصار بالنسبة لمعدلات البطالة في قطاع غزة حيث انخفضت النسبة إلى 25% بواقع 86 الف عاطل عن العمل.

ألم يحن الوقت لأن تأخذ المؤسسات و الهيئات الدولية و على رأساها هيئة الامم المتحدة و الرباعية دورها للعمل الجاد و الضغط على إسرائيل لرفع الحصار عن قطاع غزة وإدخال كافة إحتياجاتة من الورادات دون التحكم بالنوع و الكم و دون قيود أو شروط والسماح بتسويق منتجات قطاع غزة الصناعية و الزراعية في أسوق الضفة الغربية وتصدير تلك المنتجات للعالم الخارجي , و إنهاء أسوء و أطول و أشد حصار يشهدة العالم في القرن الواحد وعشرون , وتجنيب قطاع غزة من كارثة إقتصادية , إجنماعية , صحية , بيئية.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -