مليارات كيري للسلطة الفلسطينية .. حقيقة أم وهم ؟


مليارات كيري للسلطة الفلسطينية .. حقيقة أم وهم ؟
تاريخ النشر : 2014-02-20
مليارات كيري للسلطة الفلسطينية .. حقيقة أم وهم ؟



رام الله -خاص بدنيا الوطن - اياد العبادلة
علق الفلسطينيين آمالا كبيرة على المليارات التي تضمنها خطة كيري ,وما حملته من مشاريع اقتصادية استهدفت البنية التحية للقطاع الاقتصادي بالنسبة للدولة الفلسطينية ,والتي ستساهم بدورها في انعاش الاقتصاد الوطني وخفض كبير في اعداد البطالة ,اضافة الى احياء الاسس الاقتصادية لعدد من الصناعات لاساسية من خلال فتح الطرق وتسهيل عمليات النقل وحجم الاستثمارات التي وعدت بها الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوروبي والتي تم رفع سقفها الى 10 مليارات دولار وقد تزيد بحسب الاستقرار السياسي.

السلطة الفلسطينية وما بعدها الدولة الفلسطينية بأمس الحاجة الى آلية ربط بين الضفة الغربية وقطاع غزة من اجل تحقيق التكامل الاقتصادي الموحد للدولة المنشودة وتسهيل عملية النقل والتصدير وخصوصا ما تنتجه الضفة الغربية ,فحول ما تضمنته خطة كيري من افكار وما شجع عليه الاتحاد الاوروبي كونه الجزء الاقتصادي في عملية التسوية بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي في حال تمت التسوية السياسية بين الجانبين ,فما هي تأثيرات خطة كيري على المجتمع الفلسطيني ,وهل ستنقذ القطاع الاقتصادي للدولة الفلسطينية من الضياع والدمار ,وهل ستسام في خفض معدلات البطالة ؟

دنيا الوطن ناقشت هذه المرة الافكار الاقتصادية التي طرحها "كيري" واشار الى انها مدرجة في جدول خطته بالاضافة الى تأكيدات الرباعية الدولية والتي تحدثت عن امكانية كبيرة لرفع سقف الدعم والمساعدات والاستثمارات بحيث من المحتمل ان يزيد على 10 مليارات دولار في الاراضي الفلسطينية.

وفي قراءة سريعة فند الصحفي المختص  في الشأن الاقتصادي حامد جاد لـ"دنيا الوطن" ما تضمنته خطة كيري من ناحية اقتصادية وقال: في بداية المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية برعاية امريكية تحدث كيري عن تقديم 4 مليارات دولار في 8 قطاعات ( المياه , الطاقة , السياحة , الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات , الزراعة , الصناعات الخفيفة , المقاولات و البناء , مواد البناء)  ثم تطور الحديث ليصل مستوى الدعم ما بين 6-8 مليارات دولار ,مشيرا الى انه في الزيارة الاخيرة لوفد الرباعية الى الاراضي الفلسطينية تحدثوا عن امكانية رفع حجم الاستثمارات الى 10 مليار دولار مقدمة على شكل استثمارات عبر شركات امريكية واوروبية في المجالات الثمانية الاساسية والتي سبق الاشارة اليها.

واوضح "جاد" في معرض حديثه لـ"دنيا الوطن" الى ان المليارات التي وعدت بها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي ستكون على شكل استثمارات من قبل شركات كبرى يتم الاتفاق بين جميع الاطراف على تمكينها من الاستثمار على الاراضي الفلسطينية .

واشار الى ان النجاح مقرون فقط بنجاح المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية في عملية التسوية بين الطرفين برعاية امريكية منوها الى ان لا يتوجب علينا ان نقلل او نعظم من شأنها لان المساعدات الاقتصادية مرهونة بمدى نجاح المفاوضات على الصعيد السياسي.

ونوه الاستاذ حامد جاد الصحفي المختص في الشأن الاقتصادي الى انه حتى اللحظة لم يصدر أي كتاب يحمل خطة كيري ,موضحا ان ما صدر عن كيري فقط اصدار "ملاحق" تتحدث عن مشاريع اقتصادية حيوية .

وحول حساسية النقطة السابقة طالب "جاد" السلطة الفلسطينية بدراسة مستفيضة  للخطوات التي تسعى الاداة الامريكية لبلورتها وهل اذا كانت الادارة الامريكية والاتحاد الاوروبي فعلا معنيين بالتنمية في الاراضي الفلسطينية بدون مقابل "ثمن سياسي" او ان لهم اهداف أخرى وخصوصا ان الاتحاد الاوروبي يعتبر من اكثر الداعمين للسلطة الفلسطينية بحيث يمولها بما يقارب 500 مليون يورو سنويا.

وأكد "جاد" على ان المشاريع التنموية الاساسية ستؤدي الى خفض معدلات البطالة وترفع نسبة النمو الاقتصادي بنسبة ما يقارب 50% , بالاضافة الى دعم قطاع الصناعات وتغيير نوعي في قطاع الخدمات وتطور كبير في مجال الصناعت خصوصا بعد الحديث عن مطار وميناء , مشيرا الى ان السلطة الفلسطينية باتت مطالبة بتوضيح عدة امور للشعب الفلسطيني خصوصا حقل الغاز والتي تم اكتشافه الى الغرب من مدينة غزة وما حقيقة انبوب الغاز الى ميناء عسقلان ولماذا لم يستفيد المواطنين في الضفة والقطاع من حقل الغاز الطبيعي الفلسطيني .

وشدد "جاد" على ضرورة الربط الجغرافي بين شقي الوطن "الضفة الغربية وقطاع غزة" وأكد على انها مهمة جدا في عملية التكامل الاقتصادي للجانب الفلسطيني بحيث يكون الاقتصاد الفلسطيني موحد بشكل عام على عكس ما مرت به السلطة الفلسطينية منذ نشأتها ,موضحا ان الانفصال ادى الى ارتفاع نسبة البطالة وتقليل فرص العمل وقيد حرية التنقل بين شقي الوطن بالإضافة الى أنه ادى الى تراجع عدد كبير من الصناعات وعدم قدرتها على تلبية احتياجات السوق المحلي والدولي.

ومن جانبه اعتبر د ماهر الطباع الخبير في الشأن الاقتصادي طرح خطة كيري الاقتصادية و التي تحدثت عن مساعدات بقيمة 4 مليار دولار تقدم خلال ثلاث سنوات , قد تترك ورائها العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام وانها ستمر مرور الكرام وكأننا أصباحنا نطبق ما يريده الآخرين.

 واضاف في مقاله الاسبوعي الذي خصه لصحيفة "دنيا الوطن" : من خلال قراءة ودراسة متعمقة لخطة كيري الاقتصادية تم استنتاج العديد من الملاحظات و أهمها:

واشار الى ان الخطة تعمق ربط الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي حيث أن الخطة الاقتصادية الجديدة لإنماء فلسطين هي استمرار لسياسة البقاء الاقتصادي تحت تحكم و سيطرة إسرائيل , متسائلا: ألا يكفي ربط الاقتصاد الفلسطيني بالإقتصاد الاسرائيلي من خلال الاتفاقيات المجحفة والمتمثلة بإتفاقية باريس الاقتصادية , كي نربطه من خلال المبادارات و التى من المفترض أن تهدف إلى تعزيز و إستقلالية الاقتصاد الفلسطيني.

واوضح ان خطة كيري الاقتصادية استهدفت بالفعل القطاعات الاقتصادية الفلسطينية الإستراتيجية و الحيوية ( المياه , الطاقة , السياحة , الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات , الزراعة , الصناعات الخفيفة , المقاولات و البناء , مواد البناء) , لكن كان يجب مشاركة الخبراء و الفنيين الفلسطينيين في وضع الخطة لقربهم من الواقع الفلسطيني و ألا يقتصر دورهم وتدخلهم في تطبيق الخطة.

كما أوضح انه برز في الخطة العديد من التناقضات و علامات الاستفهام حيث تم الحديث في ركائز دعم مبادرة السنوات الثلاث عن إعادة فتح المعابر التجارية في غزة  للسماح ببيع البضائع في الضفة الغربية و إسرائيل , بالرغم من إغلاق و إزالة إسرائيل لكافة معابر قطاع و إبقائها على معبر كرم أبوسالم كمعبر تجاري وحيد لقطاع غزة.

مؤكدا على انه تم الحديث عن تسهيلات خاصة لعبور السياح الأجانب إلى قطاع غزة عبر معبر بيت حانون ولم يتم الحديث عن تنقل المواطنين الفلسطينيين من قطاع غزة للضفة الغربية و العكس.

ونوه الى ان الخطة  تجاهلت الأزمة المالية للسلطة وطرق معالجتها في ظل تراكم ديون على السلطة تتجاوز 4 مليار دولار وهي تمثل قيمة الدعم المرصود في الخطة وعجز في الموازنة السنوية يتجاوز مليار دولار  ,مضيفا الى انها لم تتحدث أو تتطرق الخطة عن أي آليات أو مبادرات لدعم المشاريع الصغيرة و التي تتناسب مع حالة الاقتصاد الفلسطيني.

كما ونوه الى انها لم تتطرق الخطة لإنشاء بنك مركزي فلسطيني أو إصدار عملة وطنية لتساهم في استقرار مالي يساهم بجلب الاستثمارت الخارجية مما يدعم النمو و التطور للاقتصاد الفلسطيني.

ولخص د. الطباع  في مقاله عددا من التطلعات المرجوة تحقيقها للاقتصاد الفلسطيني خلال 3 سنوات من تطبيق الخطة:

نمو حقيقي في الناتج المحلى الإجمالي يبلغ 50% خلال ثلاث سنوات بقيمة تزيد عن 5 مليار دولار مما سوف يساهم في ارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالي.

خفض معدلات البطالة للوصول إلى 8% عن طريق خلق أكثر من 330 ألف فرصة عمل خلال الثلاث سنوات , علما بأن عدد العاطلين عن العمل 301,200 شخص في الربع الرابع لعام 2013 ومعدل البطالة في فلسطين 25.2% , حيث بلغ معدل البطالة في الضفة الغربية 18.2% وبلغ عدد العاطلين عن العمل 141,600 شخص , وفي قطاع غزة 38.5% وبلغ عدد العاطلين عن العمل 159,600 شخص.

زيادة بنسبة 30% على معدل دخل الأسرة الفلسطينية للوصول إلى متوسط يزيد عن 10.880 دولار أمريكي عن طريق 20% زيادة في متوسط الدخل و التقليل من نسب البطالة.

استثمارات متوقعة بمبلغ من 5 إلى 6 مليار دولار أمريكي من القطاع الخاص المحلى و الدولي في السنوات الثلاث الأولى مع 3 مليار دولار أمريكي من القروض المضمونة لتنفيذ المبادرة الاقتصادية.

زيادة في الإيرادات الضريبية الإضافية المحتملة 655 مليون دولار عبر القطاعات المحورية.

انخفاض في نسبة التوظيف للقطاع العام إلى 18% خلال ثلاث سنوات.

كما واضاف في مقاله عدة توصيات اهمها:


 ضرورة إنهاء الانقسام الفلسطيني وتشكيل حكومة وحدة وطنية تكون قادرة على مواجهة تحديات المرحلة الحالية السياسية و الاقتصادية .

 ضرورة إيجاد طرق وآليات للربط الجغرافي بين قطاع غزة و الضفة الغربية , حرية حركة الافراد و البضائع دون التدخل الاسرائيلي , وذلك لتنمية التجارة الداخلية , و السياحة الداخلية بين شطرى الوطن.

 إزالة الحواجز الموجودة بين محافظات الضفه الغربية , ويبقى الجدار الفاصل كأهم المعيقات في وجهة أي خطط للتنمية الاقتصادية .

 ضرورة مشاركة الخبراء الاقتصاديين الفلسطينيين و القطاع الخاص الفلسطيني بأي خطط أو مبادرات أو اتفاقيات تتعلق بالاقتصاد الفلسطيني .

يشار الى ان الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي يسعيان الى انجاح خطة كيري للسلام بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي ويقدمون اغراءات مالية على شكل مساعدات واستثمارات للجانبين من اجل الوصول الى تسوية بين الطرفين تنهي حقبة من الصراع الفلسطيني الاسرائيلي على مدار عقود.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -