قطر تُنفذ مشاريع إستراتيجية بغزة

19/05/2014 الأثنين
وصف الخبير الاقتصادي ومدير الإعلام لدى ‏الغرفة التجارية بغزة‏‏، ماهر الطبّاع، الأوضاع الاقتصادية في غزة بـ«السيئة جداً»، نتيجة تشديد الحصار من الجانب الإسرائيلي وإغلاق الأنفاق الحدودية بين قطاع غزة وجمهورية مصر العربية؛ ما أثر على كافة الأنشطة الاقتصادية في القطاع، لاسيما قطاع الإنشاءات.

وقال إن قطاع الإنشاءات شبه متوقف نتيجة منع الجانب الإسرائيلي دخول مواد البناء اللازمة، إضافة إلى منع دخول العديد من المواد الخام التي تُستخدم في القطاع الصناعي، وأضاف: «مع استمرار منع الجانب الإسرائيلي تسويق بضائع قطاع غزة في الضفة الغربية، أو في الأسواق الإسرائيلية، أو حتى تصديرها للعالم الخارجي؛ سنجد أن المصانع تعمل بطاقة إنتاجية لا تتجاوز 30%».
وأوضح الطبّاع أن ما يدخل القطاع من الجانب الإسرائيلي لا يتعدى 250 شاحنة يومياً، فيما كان يدخل قبل سنوات الحصار حوالي 600 شاحنة يومياً، أما بالنسبة للصادرات من القطاع إلى الضفة الغربية والأسواق الأوروبية، فالاحتلال لا يسمح إلا بتصدير الزهور والفراولة وبعض الأصناف الزراعية الموسمية بسبب جودتها العالية، وحاجة الأسواق الأوروبية لها. مؤكداً أن خسائر قطاع غزة منذ عام 2007م حتى اليوم تفوق 10 مليارات دولار.
وعن نسبة البطالة في غزة، قال الخبير الاقتصادي: «في الربع الأول من عام 2014م تفاقمت نسبة البطالة في قطاع غزة إلى أكثر من 40% حسب دائرة الإحصاء الفلسطيني، وهناك 180 ألف عاطل عن العمل، ولو قارنا هذه الأرقام مع الربع الأخير لعام 2013م فقد كانت نسبة البطالة آنذاك 38.5%، وكان عدد العاطلين عن العمل 160 ألفا، إذن خلال ثلاثة شهور فقط زاد عدد العمال 20 ألفا، وارتفعت نسبة البطالة بفارق 1.5%».
ولفت إلى أن حكومة التوافق الوطني المُرتقب الإعلان عنها بموجب اتفاق المصالحة الفلسطينية ستواجه تحديات جمّة، لاسيما بالنسبة للأزمات العميقة التي يُعاني منها قطاع غزة، كالكهرباء ورفع الحصار بالكامل، وفتح معبر رفح البري.
وأشاد الاقتصادي الطبّاع بعجلة الإعمار القطرية في قطاع غزة، مؤكداً أنه: «لولا المشاريع القطرية لكان وضع غزة سيئا جداً، المشاريع القطرية ليست مشاريع بسيطة، نحن نعتبرها مشاريع إستراتيجية قومية تم اختيارها بعناية، حينما نتحدث عن مشروع إعادة تأهيل شارع صلاح الدين، وشارع البحر، ومستشفى الأطراف الصناعية، ومدينة سمو الشيخ حمد، إضافة إلى العديد من المشاريع الأخرى، فهذه المشاريع كلها شكلت دفعة قوية لأن تستمر الحياة إلى حد ما في قطاع الإنشاءات».
وعن سبل الخروج من المأزق الاقتصادي الذي يعيشه قطاع غزة، قال الخبير الاقتصادي، ومدير الإعلام لدى ‏الغرفة التجارية بغزة‏‏، ماهر الطبّاع في حوار خاص بـ الوطن إن «الحل الأوحد هو إنهاء الحصار عن غزة بشكل تام، حتى نستطيع معالجة التشوهات التي حدثت في القطاع خلال السنوات السابقة، ونقوي الاقتصاد المحلي بالدرجة الأولى، وتكون هناك ضمانات لفترة هدوء نشهدها ولو لعشر سنوات مبدئياً، حتى نستطيع جلب استثمارات لقطاع غزة بعد تقوية الاقتصاد المحلي، سواء كانت عربية أو أجنبية». وإلى نص الحوار:

بداية.. كيف تُقيم الوضع الاقتصادي في قطاع غزة؟- الأوضاع الاقتصادية في غزة سيئة جداً، نتيجة تشديد الحصار من الجانب الإسرائيلي وإغلاق الأنفاق الحدودية بين قطاع غزة وجمهورية مصر العربية، وهذا أثر بشكل كبير جداً على كافة الأنشطة الاقتصادية في القطاع، لاسيما قطاع الإنشاءات، هناك العديد من الأنشطة الاقتصادية توقفت، وأنشطة أخرى نسبتها الإنتاجية انخفضت إلى حد كبير، وهذا كله أدى إلى حالة ركود اقتصادي في قطاع غزة، وتداعيات طالت كافة مناحي الحياة.

ما الركائز الأساسية التي يعتمد عليها الاقتصاد الغزّي في هذه المرحلة، وإلى أي حد فاقمت السياسة الإسرائيلية وإغلاق المعابر الأوضاع؟
- في الفترة الحالية يمكن اعتبار قطاع الخدمات هو الذي يعمل إلى حد ما، أما قطاع الإنشاءات فهو شبه متوقف نتيجة منع الجانب الإسرائيلي دخول الأسمنت والحصمة والحديد، أما لو تحدثنا عن القطاع الصناعي؛ فسنجد أن العديد من مواد الخام ممنوعة من الدخول لغزة عبر معبر «كرم أبو سالم»، لاسيما المواد الخام الخاصة بالصناعات الكيميائية، مثل صناعة الأسفنج ومواد التنظيف والدهانات، فهذه كلها مواد لا يسمح الجانب الإسرائيلي بإدخالها، وكانت تدخل غزة عن طريق الأنفاق، إضافة إلى أن قطاع الصناعات المعدنية شبه متوقف، لمنع الجانب الإسرائيلي إدخال مواد خام أولية من حديد وغيره؛ بحجة أنها تُستغل في الاستخدام المزدوج.. وكما هو معروف فإن قطاع غزة كان يعتمد على الضفة الغربية بالدرجة الأولى في التصدير وتسويق المنتجات، لكن مع استمرار منع الجانب الإسرائيلي تسويق بضائع قطاع غزة في الضفة الغربية، أو في الأسواق الإسرائيلية، أو حتى تصديرها للعالم الخارجي؛ سنجد أن المصانع تعمل بطاقة إنتاجية لا تتجاوز 30%.

كيف تقارن نسبة الواردات والصادرات بالنسبة للقطاع قبل وبعد عام 2007م؟- بالنسبة للواردات فقد انخفضت بشكل ملحوظ، وما يدخل عبر معبر «كرم أبو سالم» في حدود 250 شاحنة يومياً، أما قبل الحصار فكان يدخل في اليوم 600 شاحنة، أما بالنسبة للصادرات فلا يوجد مقارنة، اليوم لا يُسمح بالتصدير إلا ما ندر، مثل الزهور والفراولة والأصناف الزراعية الموسمية، والتي تُصدر لأوروبا نتيجة لجودتها واحتياج الأسواق الأوروبية لهذه الأصناف.

هل يمكن إجمال الخسائر التي تكبدها القطاع منذ عام 2007؟- تقديراتنا للخسائر من عام 2007م حتى تاريخه تفوق 10 مليارات دولار، تشمل خسائر الحربين على قطاع غزة.

برأيك.. هل الحصار هو السبب الوحيد في تردي الأوضاع الاقتصادية؟- بالدرجة الأولى نعم، قطاع غزة قادر على الرجوع إلى الحياة الاقتصادية مرة أخرى وقادر على الانتعاش مرة أخرى دون مساعدات في حال فتحت إسرائيل لنا المعابر، وسمحت بحرية التنقل والاستيراد والتصدير.

إلى أي حد وصلت نسبة البطالة في غزة؟- في الربع الأول من عام 2014م تفاقمت نسبة البطالة في قطاع غزة إلى أكثر من 40% حسب دائرة الإحصاء الفلسطيني، وهناك 180 ألف عاطل عن العمل، ولو قارنا هذه الأرقام مع الربع الأخير لعام 2013م فقد كانت نسبة البطالة آنذاك 38.5%، وكان عدد العاطلين عن العمل 160 ألفا، إذن خلال ثلاثة شهور فقط زاد عدد العمال العاطلين 20 ألفا، وارتفعت نسبة البطالة بفارق 1.5%. وبالرجوع للربع الثاني من عام 2013م أي قبل إغلاق الأنفاق فقد كان حوالي 103 آلاف عاطل عن العمل، بينما كانت نسبة البطالة 27% فقط.

كيف تساهم الصناعات التقليدية في رفد الاقتصاد الفلسطيني؟- هي تساهم، لكن مشكلة الصناعات التقليدية أنها تعتمد على الزائرين من الخارج؛ لأن أغلبها صناعات تراثية تعتمد على الأجانب الذين يزورون قطاع غزة ويكونون ملهوفين على هذه الأشياء التذكارية والحرفية التقليدية، أو من خلال المواطنين الفلسطينيين الذين يزورون أهاليهم في القطاع ويشترون الهدايا، لذلك تأثرت هذه الصناعات في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ نتيجة انقطاعنا عن العالم والإغلاق المستمر لمعبر رفح، كما أثر تفجير قارب «فلك غزة» مؤخراً بشكل كبير على تلك الصناعات؛ لأن فكرة القارب كانت تقوم على نقل هذه الصناعات التقليدية من غزة لأوروبا عبر البحر عن طريق متضامنين أجانب قائمين على هذه الفكرة.

بالنسبة لحكومة التوافق الوطني.. هل تتوقع أن تُحدث انفراجة اقتصادية على سكان غزة؟- أود أن أقول شيئاً.. المفتاح بيد إسرائيل، بغض النظر عن طبيعة الحكومة التي ستأتي، هل إسرائيل معنية بالدرجة الأولى بفك الحصار أم لا؟، نحن كنا نتوقع بعد الإفراج عن الجندي الإسرائيلي «شاليت» عام 2011م أن يُخفف الحصار عن غزة، باعتباره أحد أسباب الحصار، لكن الحصار اشتد أكثر.

ما التحديات الاقتصادية التي يمكن أن تواجه الحكومة؟- التحديات كثيرة جداً، سواء في غزة أو الضفة الغربية، لكن أعتقد أن التحدي الأكبر سيكون بالنسبة للأزمات التي يعاني منها قطاع غزة، فمثلاً حتى يشعر المواطن بمصالحة حقيقية يجب أن تحل مشكلة الكهرباء، وباعتقادي هذا تحد بسيط يمكن أن يُعطي بارقة أمل لمليون وثمانمائة مواطن يعيشون في غزة، وأعتقد أنه ليس أمراً معقداً أن يتم حل مشكلة الكهرباء، أما التحدي الأكبر فسيكون رفع الحصار عن قطاع غزة بالكامل، ومعنى رفع الحصار أن يسمح الجانب الإسرائيلي بإدخال كافة احتياجات القطاع من السلع والبضائع ودون تحديد كميات أو شروط، والسماح بدخول معدات البنية التحتية، والدفاع المدني، وشركات الأسمنت المسلح، والمقاولات.. وكل هذه أمور ممنوع دخولها عن طريق معبر «كرم أبو سالم»، إضافة إلى السماح بتسويق منتجات قطاع غزة في الضفة الغربية، وتصديرها للعالم الخارجي، فهذا هو التحدي الأكبر أمام الحكومة القادمة، أضف لذلك هناك تحديات في القوانين؛ لأنه خلال الثماني سنوات الماضية أصبح هناك اختلاف في القوانين بين قطاع غزة والضفة الغربية، فهذه الأمور كلها ستكون على طاولة الحكومة القادمة.

هل سيشكل دمج موظفي رام الله بغزة خلال الفترة المقبلة عبئاً اقتصادياً جديداً، خاصة أن الحديث يدور عن توقف فرص العمل لعشر سنين على الأقل بسبب زيادة الموظفين المتوقعة؟ - بالتأكيد، لأن هذا أولاً سيزيد الأعباء على موازنة السلطة، نحن نتحدث عن حوالي 40 ألف موظف في غزة سيضافون لموازنة السلطة، ما يعني إضافة نصف مليار دولار سنوياً على موازنة السلطة، في ظل أن موازنة السلطة تُعاني من عجز يقارب مليار ونصف دولار، وديون على السلطة تفوق 4 مليارات دولار، النقطة الثانية أن الموظفين الذين سيتم إرجاعهم للعمل هم بحاجة إلى مصاريف أخرى لإعادة تأهيلهم؛ لأنه مضى على استنكافهم سبع سنوات تقريباً.

تحدثت تقارير اقتصادية عن أن قطاع غزة شهد انخفاضا في المساعدات الإنسانية خلال الربع الأول من عام 2014م.. ما السبب؟
- نحن لاحظنا انخفاضا ملموسا في المساعدات الإنسانية في تلك الفترة التي ذكرتها، فمثلاً الستة شهور الأولى من عام 2013 كانت من أفضل سنوات الحصار، حيث بدأت المشاريع القطرية بالعمل وأخذت العجلة تدور، حتى أشاد البنك الدولي ومؤسسات دولية بنمو غير مسبوق في قطاع غزة خلال تلك الفترة، وفي عام 2013 كان هناك حوالي 5000 شاحنة من المساعدات التي وصلت غزة، في ظل وجود 120 ألف عاطل عن العمل، بينما في عام 2014 وصل العاطلون عن العمل إلى 180 ألفا، وانخفض عدد شاحنات المساعدات إلى 2400، وهذا شيء غريب جداً صراحة؛ لأنه من المفترض تلقائياً أن نجد حوالي 7000 أو 8000 شاحنة، وأن تزيد المساعدات وليس تنقص، في ظل ازدياد عدد العاطلين عن العمل وارتفاع نسبة البطالة، مع العلم أن 35% من سكان غزة بلا دخل يومي، لهذا من المفترض أن تزيد المساعدات، لكنها انخفضت بنسبة 60%.

وبالنسبة للمشاريع القطرية.. كيف ساهمت في الاقتصاد العام لغزة؟- نقولها بصراحة، لولا المشاريع القطرية لكان وضع غزة سيئا جداً، المشاريع القطرية ليست مشاريع بسيطة، نحن نعتبرها مشاريع إستراتيجية قومية تم اختيارها بعناية، حينما نتحدث عن مشروع إعادة تأهيل شارع صلاح الدين، وشارع البحر، ومستشفى الأطراف الصناعية، ومدينة سمو الشيخ حمد، إضافة إلى العديد من المشاريع الأخرى، فهذه المشاريع كلها شكلت دفعة قوية لأن تستمر الحياة إلى حد ما في قطاع الإنشاءات.

ما العائق أمام تفعيل الشق التجاري في معبر رفح البري؟- معبر رفح قبل انتفاضة الأقصى عام 2000م كان يعمل بشقيه، للأفراد وللقطاع التجاري، وكانت الشاحنات المصرية تأتي وتدخل للجانب الفلسطيني وتفرغ حمولتها في مساحة مُخصصة لشاحنات فلسطينية ومن ثم ترجع، لكن بعد اندلاع الانتفاضة الثانية أغلق الجانب الإسرائيلي المعبر كمعبر تجاري، وبقى مغلقاً حتى اللحظة.. نحن ننتظر الاستقرار في جمهورية مصر العربية خلال الفترة القادمة، وأعتقد أنه أمر حتمي أن يتم تشغيل معبر رفح تجارياً كمعبر مواز لمعبر «كرم أبو سالم» الذي يربطنا بالضفة الغربية، والذي تُغلقه إسرائيل سنوياً حوالي 150 يوما.

هل هناك خطط مستقبلية في هذا الجانب بعد إتمام المصالحة الفلسطينية؟- بالدرجة الأولى نحن نأمل أن يتم تفعيله للمواطنين، وإنهاء معاناتهم في السفر، كان هناك اجتماع للجنة الاقتصادية المصرية- الفلسطينية في الفترة الماضية والتي لم تجتمع لفترة طويلة جداً، وأتصور يمكن أن نشهد بادرة أمل في مسألة تفعيل معبر رفح تجارياً.

سؤال أخير أستاذ ماهر.. ما السبل العملية للخروج من هذا المأزق الاقتصادي الذي نعيشه؟- الحل الأوحد هو إنهاء الحصار عن غزة بشكل تام، حتى نستطيع معالجة التشوهات التي حدثت في القطاع خلال السنوات السابقة، ونقوي الاقتصاد المحلي بالدرجة الأولى، وتكون هناك ضمانات لفترة هدوء نشهدها ولو لعشر سنوات مبدئياً، حتى نستطيع جلب استثمارات لقطاع غزة بعد تقوية الاقتصاد المحلي، سواء كانت عربية أو أجنبية، فلسطين وقطاع غزة خصوصاً بيئة استثمارية جيدة جداً في كافة القطاعات؛ لأن القطاع بحاجة لاستثمار في كل شيء، سواء البنية التحتية أو التعليم أو الصحة أو قطاع النقل التجاري والصناعي والزراعي والسياحي.. وكل هذا بيئة خصبة للمستثمرين، لكن هذا يتطلب أولاً تقوية الاقتصاد المحلي، وتعديل بعض التشريعات لإعطاء أفضلية للمستثمرين، إضافة إلى النقطة الأهم وهي الاستقرار السياسي والاقتصادي عموماً.


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -