“الكوتا” في اتفاقية باريس تزيد الخناق على الفلسطينيين

“الكوتا” في اتفاقية باريس تزيد الخناق على الفلسطينيين
جريدة الاقتصادية  غزة - ميرفت عوف
ما زالت اتفاقية باريس المبرمة في عام 1994 تطبق على أنفاس الفلسطينيين منذ عشرين عامًا، والتي لم ينظر في أمرها كما نص الاتفاق بعد خمس سنوات من توقيعها وذلك من أجل تطوريها والوقوف على اشكالياتها وتحفظاتها من كلا الجانبين.

لم يتوقف الأمر هنا، بل لم تجتمع اللجنة التي أوصى بها كي تقوم وتصوب كل المشاكل الناتجة عن هذه الاتفاقية ولم تتغير الخطوط العريضة التي وضعتها الاتفاقية دون التفاصيل.
لقد ساهم استغلال الجانب الإسرائيلي لبنودها وتفريغها من محتواها وعدم تعديلها وتطويرها بما يتلائم مع المتغيرات الاقتصادية المحلية و العالمية إلى تدهور حال الاقتصاد الفلسطيني ، كما أن الاتفاقية أضعفت القدرة على الإنتاج واستغلال الأرض والموارد الطبيعية الفلسطينية وتطوير التجارة والصناعة والزراعة و الاستثمار في فلسطين.بل يتحكم الجانب الإسرائيلي بنسب الضريبة المضافة بما يتلائم مع الأوضاع الاقتصادية في إسرائيل ، ومنذ عشرين عام والفلسطينيين يصرخون بضرورة تصويب البنود التجارية للاتفاقية وهذا الذي لم يحدث .
معايير وقيود
ويقول وكيل مساعد وزارة الاقتصاد الوطنيحاتم عويضة إن اتفاقية باريس وضعت معايير ومواصفات وقيود تعجز عنها السلطة الفلسطينية، وبالتالي أصبحتالإشكالية الكبيرة في الناتج المحلي الذي تباطأ بسبب قيود الاتفاقية على القطاع الزراعي والصناعي و القطاع التجاري .
ويوضح عويضة  أن هناك قيوداً كبيرة من الاتفاقية تجاه استيراد الكميات التي يحتاجها القطاع ، فرغم أن الاتفاقية نصت على حرية الاستيراد المباشر للتجار الفلسطينيينإلاأن دولة الاحتلال في نفس الوقت ضغطت لأن يكون الاستيراد عبر وسطاء إسرائيليين، فوضعت عراقيل كثيرة تحت ذرائع أمنية، وهذا ما أرغم التجار الفلسطينيين أن يستوردوا عبر وسيط إسرائيلي.
ويأسف عويضة لأنهذه الاتفاقية جعلت السلطة أرضاً خصبة لاستيراد المنتجات الزراعية من إسرائيل، في وقت تقع العراقيل أمام تصدير المنتجات الزراعية من غزة ، وعقب بالقول :” إسرائيل لم تلتزم بما تقتضيه الاتفاقية من تبادل فيما يتعلق بالمنتجات الزراعية والصناعية”.
ويشير عويضة إلى كمية المحروقات التي من الأصل أن تكون أسعارها أقل بكثير ما هو الحال عليه في دولة الاحتلال، فالاتفاقية سمحت بأن ينعكس الأمر سلبا على سعر المحروقات التي تصل الأراضي الفلسطينية بوضع التعرفة الجمركية على المحروقات مما أثر سلبا على الحياة اليومية على الغزين .
بل أنه وحسب عويضة إذا جاءت مساعدات عينية من المحروقات يجب التعامل معها تجاريا أي لابد أن تدفع ضرائب للجانب الإسرائيلي حتى يكون هناك تقارب بين السعر الإسرائيلي والسعر الفلسطيني للمحروقات.
ويستهجن عويضة عدم جدية السلطة في معالجة هذه القضية أولا بأول وعدم استجابتها لأصوات كثيرة نادت منذ عشرين بضرورة إلغاء هذه الاتفاقية أو على الأقل تعديل بنودها ، وعقب بالقول :” لا يعقل أن نبقي حتى اللحظة رهنية اتفاقية عفى عليها الزمن ” .
“الكوتا”
ووضعت اتفاقية باريسلبعض المنتجات الأساسية كاللحوم والألبان والأدوات الكهربائية نظام “كوتا ” يعفي المنتجات التي تدخل عبر وسطاء إسرائيليين من الجمارك.
ورغم أن هذا يعتبر امتياز إلا أنه من ناحية الأسعارجعل التجار الفلسطينيين يكتفون بالكمية التي تدخل عبر نظام الكوتا وهي كميات لا تكفي لاحتياجات القطاع ، ولا يسعى التاجر لتزويد حصته ومساهمته في السوق لان هذه الزيادة ستكلفه الكثير.
من جانب آخر، فإن المنتجات التي تدخل عير نظام الكوتا لا يتم فحصها من الجانب الإسرائيلي، ويؤكد مدير دائرة التجارة في وزارة الاقتصاد علي الترك أن هناك رقابة وفحوصاتلما يأتي عبر المعابر بالذات اللحوم والألبان والمجمدات، حيث يتم فحصها عينيا في المعبر ثم تخضع للفحص المخبري.
ويشير الترك إلى أن نظام الكوتا فرض نقصاً في بعض المنتجات في قطاع غزة، منها على سبيل المثال الأجهزة الكهربائية ويقول :” في السنة الماضية دخل قطاع غزة 750 مكيف وهي كمية لا تكفي طيلة العام لقطاع غزة “. ويشير الترك إلى أن الأجهزة الكهربائية يجب أن تكون ضمن مواصفات الكوتا الإسرائيلية، أي أن التاجر عبر الكوتا يأخذ بضائعه بدون فحص وإجراءات تفرض على الاستيراد المباشر الذي يفرض مواصفات تعجيزية كي يسمح بدخولها “
إضعاف و تدهور الاقتصاد
ساهمت اتفاقية باريس الاقتصادية في تحجيم دور السلطة وعدم سيطرتها على المصادر الطبيعية و المعابر الحدودية وربطت الاقتصاد الفلسطيني الناشئ ذات النمو المحدود بالاقتصاد الإسرائيلي القوي ذات النمو الكبير ، هذا ما يقوله المحلل الاقتصادي د. ماهر الطباع .
بل كان للاتفاقية الأثر الكبير في إضعاف و تدهور الاقتصاد الفلسطيني وحدوث فجوة كبيرة بين مستوى المعيشة لدى الطرفين حيث بلغ الحد الأدنى للأجور في إسرائيل 4300 شيكل شهريا , وهذا يوازي ثلاث أضعاف الحد الأدنى للأجور في المناطق الفلسطينية والذي تم إقراره حديثا وبلغ 1450 شيكلشهريا.
ويضيف الطباع :”ساهمت المعيقات الإسرائيلية إلى ضعف كافة الأنشطة الاقتصادية الفلسطينية , مما تسبب في ارتفاع معدلات البطالة في فلسطين “.
كما منحت اتفاقية باريس الاقتصادية حسب الطباع الحق للجانب الإسرائيلي بتحصيل كافة الضرائب و الجمارك على الواردات الفلسطينية و على المبيعات الإسرائيلية في الأسواق الفلسطينية ومن ثم تحويل تلك الأموال إلى حساب السلطة , مما أدى إلى تحكم إسرائيل بتلك الأموال و استخدامها للابتزاز السياسي و هو ما ساهم في أزمة السلطة المالية , كما أدى عدم سيطرة السلطة على المعابر إلى انتشار التهرب الضريبي .
تقليص البضائع العربية
ويؤكد صاحب شركة القمة أحمد أبو عيدة  أن اتفاقية باريس ألحقت ضرراً كبيراًبالتجار في غزة والضفة ، هذا الضرر مستمر منذ وقعت الاتفاقية وحتى يومنا هذا.
ويتابع القول :” كميات البضائع التي تسمح بها الاتفاقية لم تزد منذ وقعت الاتفاقية تبعا لزيادة السكانية ، ولا ينظر أبدا بعين الاعتبار إلى حاجة السوق الفلسطيني لزيادة بعض الأصناف “.
كما يشير أبو عيدة إلى مسألة التراخيص الذي يقدمها الجانب الفلسطيني للجانب الإسرائيلي برقم تعرفه جمركية ، ويقول :”هذا الرقم إذاحدث فيه خطأ تحتاج مراجعته وقت كبير بسبب إجراءات الاحتلال”.
ويوضح أبو عيدة أن البضائع المستورة من مصر والأردن تحتاج لوكالة ثم يلزم التاجر الفلسطيني بأخذ عينات وعرضها في معهد المواصفات الإسرائيلي، المعهد يتعمد عدم إنجاح هذه العينات إذا كانت ذات منشأ عربي ، ويوضح أبو عيدة :” بالتالي لا يوجد مجال لإرسال  بضائع من بلد عربي وهذا ما أدي إلى تقليص البضائع العربية “.
ويشدد أبو عيدة على أن المسئول عن هذا الوضع هو من وضع اتفاقية باريس ، وقال :” لا يوجد جهة تطالب الجانب الإسرائيلي بتعديل الاتفاقية ، اعترضنا وقدمنا كتب للجهات المختصة ، وعلى رأسهم وزارة الاقتصاد في رام الله ، طالبنهم في لقاءاتهم مع الجانب الإسرائيلي بزيادة الكميات كما هو موقع متفق من الطرفين لكن لا حياء لمن تنادي “.
التاجر منكوب
بدور، يشدد رئيس جمعية رجال الأعمال علي الحايك على أن اتفاقية باريس هي اتفاقية مجحفة بحق الشعب الفلسطيني كونها تخدم الاقتصاد الإسرائيلي.
ويضيف الحايك :” فرضت هذه الاتفاقية أن يكون من  يتحكم بالاقتصاد الفلسطيني هو الجانب الإسرائيلي الذي بدوره حول الاتفاقية بنظام الكوتا لخدمة مصالحه وخدمة رجل الأعمال والتاجر الإسرائيلي فقط “.
ويقول الحايك إن رجل الأعمال الفلسطيني تحمل الكثير من الضرر بسبب التحكم الإسرائيلي في مصيره التجاري بإعاقة دخول بضائعه وفرض الضرائب والأرضيات المهلكة عليه والتي جعلت مصاريف الاستيراد عالية لا تخلق تنافس في السوق الفلسطيني ، وتابع القول :” رجل الأعمال الفلسطيني منكوب على أمره “.
ويضيف الحايك :” نتيجة عدم السماح بشراء كل ما يلزمنا ، بعد انتهاء حصة التاجر من الكوتا يضطر التاجر الفلسطيني للشراء من الجانب الإسرائيلي بسبب التسهيلات على ذلك مقابل تعسير أمر الاستيراد من الآخرين” ، ويؤكد أن المسئولية تقع على السلطة الفلسطينية، وقال إن عليهاإعادة النظر في من تخدم  هذه الاتفاقية خاصة في ظل زيادة السكان في الأراضي الفلسطينية .
ويوصى الحايك بضرورة إعادة النظر في الاتفاقية حسب متطلبات السوق الفلسطيني ومصلحة التاجر والمستهلك 



تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -