بين غزة ورام الله... فقر وبطالة وتجار موت

بين غزة ورام الله... فقر وبطالة وتجار موت

غزة، رام الله_ علاء الحلو، محمد خبيصة
25 يونيو 2014
يقف البائع أبو محمد المشاهرة أمام بسطته في سوق الزاوية الشعبي في مدينة غزة، وقد بدت عليه علامات السخط والتذمر. ركود السوق والحالة الشرائية المعدومة، هو المشهد الغالب في غزة، على الرغم من اقتراب حلول شهر رمضان.
المشاهرة ليس الضحية الوحيدة لضعف حركة البيع في السوق، فقد بدت محال غزة وأسواقها خاوية من الزبائن بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية التي تخيم على القطاع المحاصر. إلى جانب عدم تلقي أكثر من 40 ألف موظف من الحكومة السابقة رواتبهم منذ عدة شهور، وارتفاع معدلات البطالة إلى أرقام غير مسبوقة.
أما رام الله، فتعيش هاجس نوعية المنتجات التي سيتم طرحها في الأسواق خلال رمضان.. بعدما عانى الفلسطينيون هنا، من طفرة في المواد الغذائية الفاسدة خلال شهر رمضان العام الماضي، الأمر الذي عزز من أرباح تجار الموت على حساب حياة الناس وصحتهم...

غزة تعاني القلّة
وفقدت الأسواق الغزية بعض الأصناف والمواد الأساسية وخصوصاً بعض الأجبان ومشتقاتها، نتيجة إغلاق الأنفاق الحدودية مع مصر، والتي كانت تمدّ غزة بالعديد من السلع التي يمنع الاحتلال الإسرائيلي دخولها إلى القطاع.

وقال المشاهرة لـ"العربي الجديد": "السوق سيئ للغاية منذ فترة، وفي نهاية كل يوم أتوقع أن يكون اليوم الثاني أفضل، لكنني أفاجأ بأنه أسوأ من سابقه"، مشيراً إلى أن الأسواق لم تعد كالسابق، "فأنا أرى الكثير من الزبائن الذين يمرون في شوارع السوق من أجل التنزه فقط".
ولفت إلى أن المارين في السوق الرئيسية في مدينة غزة "لا يحملون أكياساً لأغراض اشتروها"، ما يعني أنهم لم يقدموا الى السوق لشراء البضائع، رغم حلول شهر رمضان الذي كان في السابق موسماً مهماً يستفيد منه التاجر والبائع وصاحب المحل الصغير والكبير.
وأضاف المشاهرة: "أشفق على الناس كثيراً، فأنا أعرف أن كل شخص بحاجة إلى جميع المستلزمات الرمضانية، لكن قلة حيلتهم تمنعهم من ذلك، ويقتصر شراؤهم على المستلزمات الأساسية جداً، لذلك أتمنى فعلاً أن تحل جميع مشاكلنا التي أنتجها الاحتلال الإسرائيلي وحصاره البغيض".
 لا مظاهر رمضانية
ويقول جاره صاحب محل العطارة، مصطفى جبر، إنه يشعر وكأن الأسواق أصبحت للزيارة فقط، فلا يوجد أي مظهر من مظاهر قرب حلول شهر رمضان، الذي بقي على دخوله أيام معدودة.
وأضاف لـ"العربي الجديد": "أبيع العطارة والبهارات والبقوليات ولوازم شهر رمضان من لبن وتمر ومربيات ودبس وغيره، ولكن يمكننا القول بأن السوق نائمة (..) من المفروض أننا في موسم لبيع مستلزمات رمضان ولكن حركة البيع مشلولة، وتكاد تكون منعدمة بسبب سوء أوضاع المواطنين الاقتصادية السيئة".
وفي السوق، التقى مراسل "العربي الجديد" بالمواطن يحيى بربخ، الذي قال إنه بات يكتفي بشراء أهم الأولويات من طحين وسكر وملح وبعض الخضر لإطعام أطفاله السبعة، لافتاً إلى أنه اقتصر على شراء بعض الحاجيات لشهر رمضان عن طريق الاستدانة.
وأشار بربخ إلى أن الأوضاع في القطاع صعبة للغاية "والناس لا تملك ما تشتري به أغراضها وحاجاتها"، وما يزيد الأوضاع صعوبة، أزمة الرواتب والتهديدات بالاجتياح والعدوان التي يطلقها الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة في الآونة الأخيرة.
ارتفاع نسبة البطالة
 في المقابل، أكد الخبير الاقتصادي، الدكتور ماهر الطباع أن قطاع غزة يمر بحالة عامة من الركود لعدة أسباب، أبرزها إغلاق الأنفاق الحدودية وتشديد الحصار من الجانب الإسرائيلي، الأمر الذي أحدث حالة من الانخفاض في الأنشطة الاقتصادية كلها.
وبيّن الطباع في مقابلة مع "العربي الجديد"، أن إغلاق الأنفاق وتشديد الحصار حرما غزة من المواد الخام والمواد الإنشائية التي كانت تُشغّل آلاف العمال وتنتج حالة من الحركة في الأسواق لم تعد موجودة بعد توقف هؤلاء الآلاف عن العمل.
وأضاف: "في الربع الأول من عام 2014 أدى تفاقم الأوضاع الاقتصادية إلى وصول البطالة لنسبة 41% وتوقف 180 ألف عامل عن العمل، كانوا يعيلون أسراً مكونة من 4-5 أشخاص، مما تسبب بفقدان نحو 600-700 ألف شخص دخلهم اليومي الخاص بهم".
وتوقع الطباع أن تصل نسبة البطالة في النصف الثاني من العام 2014 إلى 44%، في حال استمر الحصار الإسرائيلي ومنع دخول احتياجات قطاع غزة، نتيجة تزايد عدد العاطلين من العمل، إضافة إلى أن القطاع يعاني بالأساس من نسبة فقر وصلت إلى 38%.
 رام الله والمواد الفاسدة
أما في رام الله، فيستذكر الموظف الحكومي عبد الرحمن الطل، حادثة اللحوم الفاسدة التي ابتاعها خلال شهر رمضان الماضي على أنها لحوم طازجة، قبل أن تلقيه وعائلته المكونة من ثلاثة أفراد في المستشفى ليومين.
وخلال شهر رمضان الذي يطرق أبواب الفلسطينيين بعد أيام، سيمعن الطل أكثر في البحث عن منتجات أكثر سلامة له ولعائلته، لعدم إعطاء فرصة لمروجي البضائع الفاسدة من التجار لاستغلاله مجدداً، مردداً "لا يلدغ الصائم من سم مرتين".
 وكما تمتلئ أسواق الضفة بالحركة خلال رمضان، فإن عرض البضائع الفاسدة، وتلك الآتية من المستوطنات الإسرائيلية، يكون أكثر حضوراً في السوق خلال الشهر الكريم، في محاولة من بعض التجار لاستغلال القوة الشرائية للمواطنين.
وفي رمضان الماضي، استطاعت طواقم حماية المستهلك التابعة لوزارة الاقتصاد الوطني، ضبط وإتلاف نحو 40 طناً من الأغذية الفاسدة ومنتجات المستوطنات الإسرائيلية خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من الشهر.

وعلى الرغم من صدور قانون فلسطيني يجرم العمل والمتاجرة بالمنتجات الفاسدة وبضائع المستوطنات، منذ العام 2010، إلا أن تهريب البضائع الفاسدة إلى الأسواق المحلية لا يزال مرتفعاً، ويومياً يتم ضبط وإتلاف كميات كبيرة منها.
 اعتراف بضعف الرقابة
وعزا مدير السياسات الاقتصادية في وزارة الاقتصاد عزمي عبد الرحمن، ارتفاع نسبة البضائع الفاسدة في السوق المحلية، إلى عدم سيطرة الضابطة الجمركية الفلسطينية، على مداخل المدن، "بل إنها منفتحة على بعضها البعض، وعلى المستوطنات الإسرائيلية".
 واعترف بأن غالبية البضائع والسلع غير الصالحة للاستهلاك البشري مصدرها المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراضي الضفة الغربية، وتابع: "نحاول قدر الإمكان ضبط تجار الموت، إلا أن ذلك لن يكون بالأمر السهل".
ويعقد وكيل وزارة الاقتصاد الوطني في الحكومة الفلسطينية، د. تيسير عمرو خلال وقت لاحق من اليوم الأربعاء مؤتمراً صحافياً، يتطرق خلاله إلى الحديث عن إجراءات الوزارة خلال شهر رمضان".
 وعلمت "العربي الجديد" أن وكيل الوزارة سيؤكد تكثيف طواقم حماية المستهلك في أسواق الضفة الغربية، لتفادي الثغر التي وقعوا فيها خلال الموسم الماضي، والتي أدت إلى انتشار المنتجات غير الصالحة للاستهلاك البشري بكثرة.
 وسيؤكد عمرو على نشر الوزارة قائمة استرشادية بالسلع الأساسية، وعددها نحو 66 سلعة، لتكون ثابتة في كل أسواق الضفة، دون أي تلاعب من التجار.

  

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -