في رمضان .. أسواق غزة كسولة

في رمضان .. أسواق غزة كسولة
حياة وسوق - عماد عبد الرحمن - تشهد أسواق غزة حالة غير مسبوقة من الكساد والركود الاقتصادي منذ بداية شهر رمضان، تجد تعبيرها الصارخ في حجم المعروضات وقلة الطلب، يطال ذلك الخضراوات والفاكهة واللحوم بأنواعها والعصائر والياميش وكل ما يتعلق باستهلاك الناس في هذا الشهر الفضيل، تستوى في ذلك أسواق غزة الكبرى مثل سوق فراس والشيخ رضوان وسوق الزاوية، والأسواق الأخرى في المخيمات والمحافظات.
فسوق فراس الذي كان يشهد ازدحاما مروريا خانقا عند مدخله في شارع عمر المختار، ويجد رجال المرور صعوبة كبرى في تنظيم حركة المرور فيه، خاصة في أوقات ما بعد العصر في الشهر الفضيل بدأ الانسياب فيه عاديا وحركة المرور فيه سلسة سهلة وكأننا في يوم إجارة عادي، هدوء غريب، وحركة بطيئة، وصيحات متكاسلة تنطلق من وقت لآخر من أفواه باعة متعطشين الى من يسد رمقهم ويستجيب لدعواتهم رغم رخص أسعار سلعتهم وجودة أنواعها.
يقول صلاح بصل صاحب أحد محلات الخضراوات "هذا الوضع لم نره من قبل، الوضع كتير تعبان أسعار الخضراوات منخفضة جدا ولا تجد من يشتريها، وأصحاب البسطات ينافسوننا ويعرضون خضراواتهم بسعر زهيد جدا وهم يشترون بضاعتهم بثمن بخس ويبيعون بسعر أبخس"، ويضيف متعجبا "نضطر للبيع بخسارة في كثير من الأحيان، وأرجع بصل الذي ارتسمت على وجهه حالة من الاكتئاب حالة الكساد هذه لعدم وجود رواتب لموظفي غزة".
وفي سوق الزاوية الذي يعد من أكثر أسواق غزة ازدحاما في شهر رمضان ويستغرق المتسوق فيه الى ساعتين أو ثلاث للعودة بحزمة فجل أو جرجير كان الوضع أكثر ركودا والمتسوقين أقل ازدحاما.
يقول أبو محمود وهو موظف حكومي: "كما ترى بإمكانك أن تدخل السوق بدراجة نارية أو هوائية وهذا الوضع كان متعذرا جدا في الرمضانات السابقة، الأسعار في متناول الجميع، خصوصا أننا في موسم تكثر فيه الخضراوات والفواكه، ولكن المشكلة الآن في عدم وجود رواتب والحالة الاقتصادية المتردية وتفاقم البطالة التي يشهدها القطاع"، مشيرا الى أنه معيل لأسرة كبيرة لكنه لم يستطع التسوق لأنه لم يستلم راتبه حتى الآن.
من جانبه أكد ممدوح دغمش أحد باعة الفاكهة المتجولين أنه يبيع وزملاؤه الفاكهة بخسارة حتى يستطيع أن يأكل هو وصغاره، فهو يشتري الفاكهة من تاجر الجملة بسعر يسدد نصفه فقط ويحتفظ بالباقي ليطعم به أولاده ويقسطه للتاجر بعد ذلك على دفعات بسيطة، متسائلا هل يعقل أن يكون هذا سعر كيلو التفاح أو المانجا في هذا الوقت من العام بأربعة أو خمسة شواقل؟
وفي مفارقة صارخة يقول أبو أحمد أحد أصحاب محلات العصافير بسوق فراس: "لم يمر علينا وضع كهذا من قبل لقد مرت علينا حالات فريدة من نوعها في أوقات مشابهة لكن أن يصل الأمر الى حد التحايل على أصحاب المحلات من الزبائن فها أمر غير معقول أو مقبول"، مؤكدا أن أحد الزبائن اشترى منه مجموعة من عصافير الكناري بستمئة شيقل دينا وباعها لمحل آخر بثلاثمئة شيقل نقدا ليتدبر شؤون أسرته في شهر رمضان. وأرجع الخبير الاقتصادي ماهر الطباع الأوضاع الاقتصادية المتردية في قطاع غزة الى الحالة التراكمية التي شهدها القطاع، موضحا أن معاناة القطاع تحت الحصار بدأت منذ أكثر من ثماني سنوات ولكنها في هذه الفترة تشهد ذروتها.
وقال الطباع إنه منذ إغلاق الأنفاق منتصف عام 2013 بدأ القطاع يشهد نقص المواد التشغيلية ما أدى الى تراجع الأنشطة الاقتصادية مثل الإنشاءات والصناعات المعدنية والكيمائية التي يرفض الجانب الإسرائيلي إدخال المواد الخام اللازمة لها عبر معبر بيت حانون ما جعل القطاع يعيش حالة من الموت السريري فالطاقة الانتاجية في قطاع غزة لا تتجاوز الـ 20 %.
وأشار الطباع الى أن أزمة البطالة وصلت الى نسب كارثية فهي في الربع الأول من عام 2014 وصلت الى 41 % ما يعادل 180 ألف عامل عاطل عن العمل متوقعا ارتفاعها في الربع الثاني لنفس العام لـ 44% أي ما يعادل 200 ألف عامل، وقال إن هذا كله أعدم القوة الشرائية ما ينذر بوقوع كارثة اقتصادية في حال استمرار الوضع على ما هو عليه.


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -