أزمة السكن «تطحن» مستقبل قطاع غزة

أزمة السكن «تطحن» مستقبل قطاع غزة 
غلاء أسعار الشقق وندرتها يعيق حل مشكلة النازحين ** «الحواصل» أسفل العمارات قد تستخدم بعد تهيئتها لإيواء آلاف المشردين
حياة وسوق - اكرم اللوح - فشلت محاولات الشاب ميسرة أبو محيسن (24 عاما) منذ ثلاثة أيام في العثور على شقة للإيجار أو منزل يجمع شمله هو وعائلته المشردة بمراكز الإيواء المنتشرة في مدينة غزة أو أقارب لجأوا إليهم خلال العدوان على قطاع غزة والتي استمرت خمسين يوما مخلفة دمارا هائلا في المنازل والبنية التحتية.
أبو محيسن يروي لـ»حياة وسوق» قصته الأليمية في محاولة الحصول على شقة للإيجار ليخرج عائلته من جحيم مراكز الإيواء قائلا: «في الأسبوع الأول من العدوان شردنا الاحتلال من منزلنا شرق مدينة غزة ولجأنا الى مدرسة الايواء التابعة لوكالة الغوث, وقد عدنا خلال التهدئة الأولى للمنزل ومكثنا فيه ثلاثة أيام, وسرعان ما عدنا لمركز الإيواء بسبب تجدد العدوان ليخبرنا أحد أقاربنا قبل أسبوع أنه تم قصف منزلنا وتجريفه بشكل كامل، وأنا الآن أحاول البحث عن منزل للايجار لنخرج من مأساة مراكز الإيواء».
ويضيف أبو محيسن: «منذ إعلان التهدئة الأخيرة وأنا أحاول الحصول على شقة للإيجار، لكن جهودي باءت بالفشل إما للغلاء الفاحش بثمن ايجار الشقق أو لأن جميع الشقق تم اشغالها من قبل النازحين والمشردين الذي يفوق عددهم الآلاف» منوها إلى أن البعض يحاول استغلال معاناة النازحين برفع أسعار الشقق وكان آخرها طلب 600 ‪دولار أجرة لشقة على أطراف مدينة غزة الشمالية كانت تؤجر في السابق بـ150 دولارا.
نجم السعايدة (50 عاما) من سكان شرق مدينة دير البلح يشترك مع أبو محيسن في نفس المشكلة قائلا: «مع انتشار الأمراض وقلة الرعاية في مراكز الإيواء توجهنا إلى منزل أحد أقاربنا بعد هدم بيتنا, لكن الأزمة قد تطول ولا يمكن لنا المكوث كثيرا لدى أقاربنا، ونحاول منذ أسبوعين الحصول على منزل للايجار لكن الأسعار غالية جدا وتفوق قدرتنا، ولا نجد من يساعدنا».
الخبير الاقتصادي ماهر الطباع قال لـ «حياة وسوق» ان ارتفاع الشقق السكنية مرتبط بمبدأ العرض والطلب، ولأن السلعة أصبحت نادرة وعليها إقبال كبير، كان من الطبيعي زيادة أسعارها، مؤكدا أن هذه الأزمة هي نتاج ثماني سنوات من الحصار وعدم إدخال مواد البناء والاعمار لقطاع غزة.
وأوضح الطباع ان قطاع غزة شهد أيضا في عام 2011 وبداية 2012 أزمة سكن طاحنة, وانخفضت تلك الأزمة منتصف عام 2013 عندما بدأ دخول الاسمنت عبر الأنفاق ليتدنى أسعار الشقق السكنية بعد أن كانت خيالية، وبدأ القطاع يعيش حالة «الترييح» في قضية السكن. وأكد أن العدوان الأخير أعاد الأزمة من جديد بعد تدمير ما يقارب خمسين ألف وحدة سكنية بين كلي وجزئي، مشيرا الى أن هذا الدمار أحدث حالة إرباك كبيرة في قطاع الاسكان الذي يعاني أصلا من عجز قبل العدوان.
وشدد الطباع على أن الأزمة ليست فقط في توفير «كيس الاسمنت»، فقبل الحصار كنا نحتاج يوميا بين 3 – 4 آلاف طن اسمنت، لكننا نحتاج اليوم لـ10 آلاف طن يوميا أي ما يقارب 250 شاحنة، اضافة إلى العجز الكبير في مشاريع التنمية خلال سنوات الحصار السابقة وهذا كله يحتاج إلى كميات كبيرة من مواد البناء بمختلف أنواعها.
وقال ان وجود محددين أساسيين إذا توافرا يمكن من خلالهما إعادة الإعمار والبناء خلال خمس سنوات وهما فتح المعابر كاملة ومن دون رقابة، وتوفر المليارات اللازمة لعملية الإعمار.
وعبر الطباع عن مخاوفة من مصطلح «الرقابة» على مواد البناء مؤكدا أن اتمام هذا الأمر سيشكل إعاقة لعملية اعادة الإعمار، مشيرا الى وجود وجود مواطنين هدمت منازلهم عام 2008‪ - 2009 ولم تتم اعادة اعمارها حتى الآن.
رئيس اتحاد المقاولين في قطاع غزة، المهندس نبيل أبو معيلق أكد وجود أزمة سكن في قطاع غزة بسبب الحصار، مشيرا الى ان ارتفاع ايجار للشقق السكنية هو نتاج تلك الأزمة التي بدأت ملامحها مع انتفاضة الأقصى وتفاقمت مع الحصار واشتدت مع الحروب الاسرائيلية، مشددا على أن هذا الأمر تراكمي خاصة مع الاحتياج الكبير للسكن بعد الحرب الأخيرة التي وصفها بأنها كانت «ضروسا».
وأكد أبو معيلق لـ «حياة وسوق» ان على المسؤولين متابعة غلاء أسعار الشقق لأننا خارجون من حرب مؤلمة، وعلى أصحاب الشقق السكنية أن يعملوا بما يرضي الله حتى لا نستغل معاناة ومأساة المشردين ونساعدهم بما يمكننا من دعم صمودهم.
وكشف أبو معيلق عن وجود لجنة مشتركة تم تشكيلها لحصر الأضرار في قطاع غزة حيث من المتوقع أن تنهي عملها خلال شهر أو 45 يوما وما سينتج عنها من أرقام ستكون حقيقية ويمكن التعامل معها لتعويض أو اعادة تسكين المشردين بما يتوفر من امكانيات الدعم والتمويل.
وأكد أنه إذا رفع الحصار عن غزة وليس «تسهيله» فاننا سنحتاج الى جهد كبير وثلاث سنوات لاعادة اعمار ما دمرته الحرب الأخيرة، منوها إلى أن المتضررين جزئيا سيحصلون على دفعة إغاثية ستكون من 100 دولار وحتى 5 آلاف دولار حسب حجم الضرر وبالتالي سيعودون لمنازلهم، أما المدمرة منازلهم فيمكن منحهم تعويضات إما للسكن بالإيجار أو لدى أقاربهم أو الخيار الثالث يمكن من خلاله استغلال «الحواصل» أسفل العمارات وغير المستعملة لإسكانهم وتهيئتها لإيواء الآلاف من المشردين.
وقال أبو معيلق ان الشريحة المتبقية التي لا يمكن إيواؤها في جميع الحالات السابقة فعلى الحكومة أن تتأكد من أحقيتها حتى لا يكون على حساب المنكوبين الحقيقيين وتقديم المنازل لهم خلال عملية الإعمار.
وأضاف أن قطاع غزة كان يحتاج قبل العدوان الحالي الى 75 ألف وحدة سكنية للتغلب على أزمة السكن الناتجة عن الحصار الاسرائيلي، مشيرا الى تشكيل لجنة رسمية مهمتها الاساسية بعد توقف العدوان هي حصر الأضرار والاشراف على اعادة الاعمار.
وأوضح ان اللجنة تضم وزارة الأشغال والإسكان ووكالة «الأونروا» وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالشراكة مع اتحاد المقاولين.
وشدد على ضرورة رفع الحصار بشكل كامل عن قطاع غزة، والسماح بإدخال جميع الواردات وفي مقدمتها مستلزمات البناء من اسمنت وحديد وحصمة وغيرها، وكذلك بالنسبة للصادرات.
وتمنع إسرائيل إدخال مواد البناء لغزة منذ عام 2007، وسمحت، ولأول مرة، بإدخال كميات محدودة بداية شهر ايلول 2013، ثم عادت ومنعت إدخالها في الشهر التالي؛ بدعوى استخدامها من قبل حركة حماس، في بناء تحصينات عسكرية، وأنفاق أرضية.
وكان وزير الأشغال العامة والإسكان مفيد الحساينة قال: «دمرت قوات الاحتلال بشكل كامل وبالغ 20 ألف وحدة سكنية بحيث أصبحت غير صالحة للسكن، إضافة لقرابة 40 ألفا بشكل جزئي ومتوسط وطفيف»، مقدرا القيمة الإجمالية الأولية للخسائر جراء هذا العدوان بما يراوح بين 6 - 8 مليارات دولار أميركي. 
وأضاف الحساينة في تصريحات صحفية سابقة: «استهدف الاحتلال المنازل والمستشفيات والمدارس والمرافق العامة وتم تدمير البنية التحتية والمصانع واستهداف الآمنين». وكان مدير عام مجلس الإسكان الفلسطيني أسامة السعداوي قال في تصريحات سابقة ان العدوان فاقم أزمة السكن القائمة أصلا في قطاع غزة من خلال تشريد مئات الآلاف من المواطنين عن مناطق سكنهم، خصوصا في المناطق الشمالية والشرقية وهم بحاجة إلى إيجاد حلول لهم، خصوصا الذين دمرت منازلهم بشكل كامل أو التي أصبحت غير صالحة للسكن».
وقالت وكالة الأونروا في بيان نشر عقب انتهاء العدوان على غزة إن 500 ألف نازح في قطاع غزة بفعل الحرب الإسرائيلية، يحتاجون إلى دعم يومي، وأن حوالي 300 ألف شخص يمكثون الآن في 85 مدرسة تابعة لـ» الأونروا»، وهو عدد لم يسبق أن شهدته غزة عبر تاريخها، وفق تأكيد البيان.
ووجهت الوكالة نداء عاجلا لتوفير أموال ستمكنها من الشروع في جهود الإنعاش، حيث يقدر أن أكثر من 20 ألف منزل أصبحت غير صالح للسكن، كما أن البنية التحتية الحيوية للمياه والصرف الصحي تعرضت للضرر.
تعليقات
تعليقان (2)
إرسال تعليق
  • Waheed Al-Haifi
    Waheed Al-Haifi 2 فبراير 2024 في 1:31 ص

    Are you losing sleep at night worrying how to get a loan? Contact: Waheed Finance Firm Agency now via E-mail: info.waheedfinance@gmail.com
    WhatsApp +91 79757 16892
    Regards
    Waheed Finance Firm


    هل تفقد النوم ليلا وتقلق بشأن كيفية الحصول على قرض؟ الاتصال: وكالة شركة وحيد للتمويل الآن عبر البريد الإلكتروني:
    info.waheedfinance@gmail.com
    WhatsApp +91 79757 16892
    يعتبر
    شركة وحيد للتمويل

    إرسال ردحذف
    • غير معرف 18 أبريل 2024 في 12:33 م

      عندما كنت بحاجة إلى المال، ذهبت إلى الويب ووجدت شركة رائعة جلبت لي المال في حوالي ثلاثة أيام، ثم بعد حوالي عام تم الاتصال بي مع عرض رائع آخر المزيد من المال بسعر فائدة رائع. لقد كنت عميلاً منذ أكثر من عامين، وتمكنت من إرسال أطفالي إلى الكلية وبدأت مشروعًا تجاريًا جديدًا، مما أدى إلى تحسين تصنيفي الائتماني. كما تمكنت من الاهتمام ببعض حالات الطوارئ غير المتوقعة. كان الأشخاص الذين قابلتهم مهذبين للغاية ومتعاونين وأرادوا مساعدتي في أسرع وقت ممكن. لقد شرحوا كل شيء بوضوح وأرسلوا لي الأوراق عبر البريد الإلكتروني خلال ساعة. لقد حصلوا على قرض بقيمة 10000 دولار في حسابي في غضون يومين. أوصي بشدة بمؤسسات القروض الائتمانية عبر WhatsApp: +393512114999. البريد الإلكتروني: (loancreditinstitutions00@gmail.com) واتس اب: +393509313766. أو البريد الإلكتروني: Loancreditinstitutions00@gmail.com

      إرسال ردحذف



      وضع القراءة :
      حجم الخط
      +
      16
      -
      تباعد السطور
      +
      2
      -