انتقادات في غزة لآلية الأمم المتحدة المقترحة بشأن إدخال مواد البناء لإعادة الإعمار

انتقادات في غزة لآلية الأمم المتحدة المقترحة بشأن إدخال مواد البناء لإعادة الإعمار
غزة 28 سبتمبر 2014 (شينخوا) تقابل آلية الأمم المتحدة المقترحة لإعادة إعمار غزة بانتقادات حادة من رجال أعمال ومختصين في القطاع يعتبرون أنها ستقيد عمليات البناء ولا تساهم عمليا في التنمية الاقتصادية المنشودة.
وأعلن مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت سيري أخيرا، أن المنظمة الدولية توسطت للتوصل الى اتفاق ثلاثي فلسطيني إسرائيلي أممي لتمكين السلطة الفلسطينية من بدء إعادة الإعمار في غزة.
وأفصح سيري في حينه، أن الاتفاق يقوم على ضمانات أمنية مشددة من خلال آلية رقابة من قبل الأمم المتحدة وفق نظام يشرف على إدخال واستخدام جميع المواد اللازمة لإعادة إعمار قطاع غزة لضمان عدم تحويلها عن أهدافها المدنية الخالصة.
ويقصد بذلك منع استغلال الفصائل الفلسطينية المسلحة مواد البناء خصوصا الأسمنت في تشييد أنفاق أرضية تستخدمها في هجمات ضد إسرائيل.
غير أن مسؤولين محليين في غزة يعتبرون أن "قيود" الأمم المتحدة ستحد من عمليات إعادة الإعمار وتضاعف مدتها الزمنية وتكلفتها المادية وهو ما يزيد من مصاعب النازحين ممن فقدوا منازلهم.
وبالنسبة لرئيس جمعية رجال الأعمال في قطاع غزة على الحايك، فإن آلية الأمم المتحدة "ستحول نظام إدخال مواد البناء اللازمة لإعمار القطاع إلى نظام كبونات شبيه بالمساعدات الغذائية".
وقال الحايك لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن ما تقترحه الأمم المتحدة "لا يلبي احتياجات قطاع غزة ومن شأنه أن يكرس الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع بدلا من رفعه أو على الأقل تخفيف حدته".
وشدد على أن معبر (كرم أبو سالم/كيرم شالوم) الذي أعلنت الأمم المتحدة والسلطة الفلسطينية أنه سيكون المنفذ الوحيد لتوريد مواد البناء إلى غزة لا يلبي الحد الأدنى من احتياجات إدخال تلك المواد.
وأوضح أن قطاع غزة يحتاج ما يزيد على مليون ونصف طن من الأسمنت وأكثر من 5 ملايين طن من المواد الإنشائية لعمليات إعادة الإعمار وهو يتطلب فتح كافة المعابر دون قيود أو شروط.
وشدد الحايك، على الحاجة في الإسراع في عمليات إعادة الإعمار لإيواء قرابة مائة ألف من النازحين في قطاع غزة بسبب تدمير منازلهم خصوصا قبل حلول فصل الشتاء ومصاعب مواجهته في العراء.
وشنت إسرائيل عملية عسكرية أطلقت عليها اسم (الجرف الصامد) ضد قطاع غزة في الفترة من 8 يوليو إلى 26 أغسطس الماضيين وخلفت دمارا هائلا في المنازل السكنية والبني التحتية.
وقال وزير الأشغال العامة والإسكان في حكومة الوفاق الفلسطينية مفيد الحساينة، إن الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة "استهدف كافة مقومات الحياة في القطاع وأدى لتدمير 18 ألف وحدة سكنية بالكامل، وأكثر من 40 ألف وحدة جزئيا".
ومن المقرر أن تستضيف مصر في 12 من الشهر المقبل مؤتمرا دوليا لبحث تمويل إعادة إعمار قطاع غزة.
ولم تفصح أي من الأمم المتحدة أو السلطة الفلسطينية على الإجراءات الخاصة بتوريد مواد البناء حتى الآن باستثناء الإعلان عن تسهيلات منتظرة على معبر تجاري واحد هو كرم أبو سالم.
واعتمدت إسرائيل المعبر المذكور منفذا تجاريا وحيدا مع قطاع غزة منذ مطلع عام 2012 بعد أن أغلقت أربعة معابر تجارية مع القطاع، علما أن طاقته الاستيعابية الحالية لا تزيد على 400 شاحنة.
وقال رئيس هيئة الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية حسين الشيخ أخيرا إنه سيتم توسيع عمل معبر كرم أبو سالم ليتسع لأكثر من 700 شاحنة يوميا.
وفيما يخص إعادة إعمار قطاع غزة، أعلن الشيخ البدء ب"إعداد خطة شاملة مع كل الجهات المختصة لبرنامج إعادة الإعمار وآلية إدخال مواد البناء والحديد والآليات والمعدات الثقيلة إلى القطاع"، مشيرا إلى أنه سيتم الإعلان عن كل الإجراءات الخاصة بذلك قريبا.
من جهتها قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن عمليات إعادة الإعمار المنتظرة في قطاع غزة ستخضع لقيود إسرائيلية مشددة تفرض رقابة صارمة على كل كمية من مواد البناء الموردة إلى القطاع.
ويرى رئيس اتحاد المقاولين الفلسطينيين في غزة نبيل أبو معيلق لـ ((شينخوا))،أن الآلية المقترحة لإعادة الإعمار "تسيس الحصار وتعيد إدارته بدلا من وضع إجراءات تكفل رفعه".
وأعرب أبو معيلق عن موقف معارض لتولي المؤسسات الدولية عمليات إعادة الإعمار "كونها تستهلك وقتا أكبر وتزيد التكلفة عدا عن أنها تستقطع أموالا بنسبة 15 إلى 20 في المائة من دعم المانحين".
وقال إن "غزة تحتاج إلى إعادة إعمار بكميات كبيرة من مواد البناء والآلية المقترحة من الأمم المتحدة ستضاعف المدة الزمنية لذلك من 5 إلى 15 عاما على الأقل".
وأضاف أبو معيلق ، أن "قطاع غزة يحتاج إلى تنمية وانتعاش اقتصادي وليس مجرد بناء ما تم تدميره وآليات التنسيق المقترحة لن توفر ذلك بل إنها ستبقي القيود المفروضة على الاقتصاد في غزة على حالها".
ولا يبدي رجال الأعمال والمختصون في غزة تكهنات إزاء نجاح آلية الأمم المتحدة في ضمان مسار مواد البناء الموردة.
وقال أبو معيلق بهذا الصدد "منع وصول الاسمنت إلى الفصائل المسلحة غير مجد،وأي رقابة دولية مهما كانت مشددة ستنجح بنسبة 99 في المائة فيما الفاقد سيتراوح من 50 إلى 100 طن وهو ما يكفي لبناء الأنفاق وهو ما يجعل العذر الأمني غير فاعل".
وشدد على أن "الذريعة الأمنية المعلنة لتقييد إعادة الإعمار فاشلة كليا ووضعها يستهدف فقط تأخير إعادة الإعمار وتجميد التنمية الاقتصادية والدفع بزيادة معدلات البطالة والفقر والاحتقان".
وفي السياق، اعتبر المسؤول في الغرفة التجارية في غزة والخبير الاقتصادي ماهر الطباع،أن آلية الأمم المتحدة لإعمار غزة "بمثابة تجميل واستمرار للحصار برعاية دولية أممية وليس إنهاء الحصار وفق ما أعلن في اتفاق وقف إطلاق النار الأخير".
وأشار الطباع ل((شينخوا))، إلى أن تلك الآلية "تفرض رقابة أمنية صارمة وشديدة على كل تفاصيل إدخال مواد البناء، وتجهيز قاعدة بيانات تراقبها إسرائيل تشتمل على مجمل المشاريع والقائمين عليها".
وتابع قائلا: "بهذه الطريقة لن تكون هناك عملية إعمار جدية وسريعة لأن القطاع لا يحتاج فقط للإعمار بل يحتاج للعديد من المشاريع التنموية المتوقفة على مدار ثمان سنوات من الحصار".
وخلص الطباع إلى الحاجة الماسة في غزة لضغط دولي فاعل على إسرائيل لفتح كافة معابر قطاع غزة أمام حركة الأفراد والبضائع والعمل على إنهاء الحصار بشكل كلي "لتجنيب غزة كارثة شاملة تبقي حالة التدهور الكلي في أوضاعه قائمة بل وتزيد معدلاتها".
وحظرت إسرائيل توريد مواد بناء إلى قطاع غزة المكتظ بأكثر من مليون و800 ألف نسمة منذ فرضها حصارا مشددا على القطاع منتصف العام 2007 إثر سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عليه بالقوة بعد جولات من القتال الداخلي مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية.
وسمحت إسرائيل بتوريد تلك المواد بشكل محدود ولفترة لم تتجاوز الشهر قبل أن تعود لتمنع إدخالها في أكتوبر من العام الماضي ردا على اكتشافها نفقا أرضيا يمتد من داخل القطاع إلى داخل أراضيها.
وفي ديسمبر من العام نفسه سمحت إسرائيل بإدخال مواد البناء بكميات محدودة لصالح المؤسسات الدولية وحظرتها على التجار المحليين

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -