خطة "سيري".. عين (اسرائيل) التي تترصد غزة أمنياً..!

خطة "سيري".. عين (اسرائيل) التي تترصد غزة أمنياً..!
تُركزُ خطة مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت "سيري" في إعمارها لقطاع غزة على الجانب الأمني أكثر منه على الجوانب الأخرى الذي تدعيه الأطراف المستميتة لتطبيق الآلية ومن بينها (إسرائيل) و(الأمم المتحدة) إلى جانب آخرين؛ الأمر الذي يضعهم في دائرة الشك بل في محل إدانة؛ ويأخذُ على الآخرين قبولهم بالمقترح ذو النوايا الخبيثة.
مُقترح "سيري" لإعمار غزة كثُر منتقدوه الاقتصاديين والسياسيين والمؤسسات التي تعنى بحقوق الإنسان حيث أنه لم يحقق أية أهداف من التي ادعاها بل زاد الطين بلةً في قطاع غزة.
دفةُ الانتقاد تتوجه من خلال هذا التقرير إلى الجانب الأمني الذي وصفه محللون أمنيون بـ"العين الإسرائيلية الراصدة" لقطاع غزة، معتبرين إياه "اختراق أمني" من الطراز الأول.
وتقوم الخطة من ناحية أمنية على تركيب شبكة رقابة دولية ومنظمة على كل "كيس اسمنت" ومخازن ومعامل الباطون التي ستتولى العمل كذراع تنفيذي لإعمار القطاع.

وتوضع الشروط الأمنية والرقابية الواجب توفرها في كل المخازن ومستودعات التخزين الخاصة بمواد البناء ومنها تركيب كاميرات مراقبة تعمل على مدار الساعة، وتركيب شواحن خاصة لتلك الكاميرات حتى تبقى مستمرة بالعمل في حال انقطاع التيار الكهربائي، وتسجل مخالفات وربما تعطل الاتفاقية في حال ازيحت الكاميرا من مكانها لواحد سم – حسب خبراء.
إلى جانب إقامة أسوار مرتفعة للمخازن، التي ستفرض عليها حراسة على مدار 24 ساعة، مع ضرورة توفر خط إنترنت، لرقابة المخازن من قبل الجهات الدولية والتي من بينها (إسرائيل) التي ستستغلها لأغراض أمنية بحتة، حسب الخبير الاقتصادي ماهر الطباع في مقال له.

شروط ورقابة
الأمر لا يقتصر على الاسمنت وحده أو مواد البناء بل إن الاتفاقية التي وقعت عليها حكومة الوفاق الوطني تشترط وفقاً للطلب الإسرائيلي لإدخال الآليات والمعدات الثقيلة تثبيت أنظمة مراقبة متطورة عليها، تتضمن جهاز لتحديد المواقع (GPS) عبر الأقمار الصناعية، على كل المعدات الثقيلة، والتي تشمل الجرافات والكسارات ومعدات الحفر، لمعرفة تحركاتها داخل القطاع، حتى لا يتم استخدامها للعمل في حفر الأنفاق، وحتى الوظائف المطروحة اليوم في سوق العمل في قطاع غزة كلها لها علاقة بالرقابة الالكترونية والأمنية ورقابة على الكميات والأعداد والجودة.
والى جانب الرقابة الأمنية أيضاً يتطلب الحصول على كابون اسمنت ولو كان كيلو اسمنت واحد الحصول على معلومات أمنية دقيقة، حيث يدون اسم الشخص المستفيد، والتفاصيل الشخصية التي لا تفيد في دعمه إنسانياً بل تفيد الجهات المعادية امنياً ومعلومات أخرى تتعلق بموقع بناءه وتحديد جيران الموقع المراد تشييده.
المواطن في غزة لم يشعر بالمعلومات الأمنية المطلوبة خلال استلامه لكابون الاسمنت؛ حيث أن تلك المعلومات ستكون في المرحلة الثانية وفق الخطة أي عند تبلد شعور المواطن من خطورتها.
 الرقابة ستشمل مخازن (الأسمنت – الحصمة – الحديد ) بالإضافة إلى تطبيقه على مصانع الباطون الجاهز، و البلوك وكافة الصناعات الإنشائية التي تستخدم مواد البناء.
وتطرق الطبّاع إلى الآلية والشروط المقترحة للرقابة على مصانع البلوك حسب ما تم نشرها والتي تتمثل في تركيب كاميرات مراقبة علي كافة أركان منشأة المصنع لوضوح الرؤية من جميع الاتجاهات، وربط الكاميرات بخط انترنت ورابط.
وأشار إلى انه بعد ذلك تقوم لجنة من مراقبي الأمم المتحدة المشرفة علي اعمار غزة بزيارة ميدانية للمنشأة لتقييم الوضع وكتابة تقرير من الناحية الفنية والأمنية واللوجستية للمنشأة ويرسل التقرير موضحا فيه بيانات مالك المصنع للجانب الإسرائيلي لإبداء لموافقة الأمنية من طرف إسرائيل علي المصنع والمالك نفسه وربما فيما بعد جميع العاملين بالمصنع وإذا تم الرفض الأمني من إسرائيل علي المالك نفسه أو على المصنع سيبقى المصنع مغلقا دون عمل.
وأوضح انه إذا حالف الحظ صاحب المصنع والمصنع نفسه بالقبول وبالموافقة الأمنية من الجانب الإسرائيلي يتم تزويده بكميات المواد الخام اللازمة (اسمنت - حصمة) والمقررة من لجنة مراقبي اعمار غزة (الأمم المتحدة(.

اختراق أمني ..
الخبير الأمني د. محمود العجرمي  أكد أن "خطة سيري" بكل تفاصيلها تهدف إلى اختراق قطاع غزة من الناحية الأمنية، وتدويل عملية الحصار، والإجهاز على المقاومة الفلسطينية بغزة.
وأوضح الخبير العجرمي لـ"فلسطين اليوم" أن قوات الاحتلال تهدف من وراء الخطة ومن المعطيات الأمنية الواردة إلى تحديث  السجل الأمني والأهداف للحرب القادمة، وان الخطة خالية من المضامين الإنسانية.
وقال :"شعرت الجهات الموقعة على الاتفاقية وخاصة الجانب الإسرائيلي والأمم المتحدة بعدم مقدرتها على إخضاع قطاع غزة ومقاومته عبر الحروب فهي خاضت ثلاثة منها، وعلى الحصار فهو استمر 7 أعوام، فأرادت إخضاعه من باب المنحة الإنسانية التي من خلالها يتم اختراق القطاع".
وأضاف: "إذا كانت النوايا إنسانية وسليمة لماذا يتساءل الأوربيين عن تفاصيل شخصية لا علاقة لها بالإنسانية لكل المستفيدين ولصالح من تربط مصانع ومستودعات الباطون بكاميرات مراقبة يُشرفُ عليها الإسرائيليين، ولصالح من تركب أجهزة تحديد المواقع على آلية العمل من خلال التقنية المعروفة (G. P .S) هذه نوايا حبيثة تقمع الحرية في البناء وستعطل اعمار منازل المئات الذين يتبعون فصائل المقاومة وهذا يعني أننا بتنا نعاني من احتلال رقمي لقطاع غزة".
وأشار إلى أن جل المعلومات التي تأخذ عبر الآلية ستستخدم لأغراض أمنية ومن ثم لأغراض عسكرية سندفع ثمنها، مبيناً أن الخطة تضع الغزيين محل ابتزاز مرفوض.
ودعا الفصائل والمواطنون بضرورة رفض عناصر الخطة وتشكيل رأي عام ضاغط ضدها من باب أنها ليست إنسانية وإنما رقابية أمنية، إلى جانب إقامة ورش توعية حول مخاطر المقترح وإمكانية تفادي قبضته الأمنية.
وكما دعا المقاومة إلى التنبه لخطورة المقترح والعمل على رفض البنود الأمنية منها والتعديل عليها بما يخدم الأمن القومي لقطاع غزة ومقاومته.

انجاز تجسسي
المحلل العسكري والأمني اللواء يوسف الشرقاوي اتفق مع سابقه العجرمي في خطورة خطة "سيري" من ناحية أمنية على قطاع غزة ومواطنيه.
وأوضح اللواء الشرقاوي في تصريحات لـ"فلسطين اليوم" أن "الاتفاقية التي وقعت من الطرف الفلسطيني إلى جانب الأوروبي والإسرائيلي مذلة بكل تفاصيلها وتعتبر مبعث ابتزاز للمواطن بغزة على حساب أمنه، وهي اتفاقية مختصرها البناء مقابل المعلومات الأمنية".
وأشار إلى أن تفاصيل الخطة من ناحية أمنية لا تبشر بالخير خاصة وأن إسرائيل كانت تنتظر من زمن بعيد هذا الإنجاز في العمل التجسسي، لوضع أعين لها في قطاع غزة لتحديث سجل بياناتها الأمنية، لافتاً إلى أن أي "شخص يعتقد وجود أدنى إيجابية للاتفاق فهو أعمى".
ودعا المواطنين إلى ضرورة الضغط لأجل تعديل الاتفاقية بشكل كامل، والعمل على تشكيل رأي عام رافض للاتفاقية فيما عليها مع ضرورة تفعيل الحس الأمني في التحرك في إطار الخطة والحذر من الإضرار بالصالح العام.
وتسببت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في تدمير 100 ألف منزل يسكنها حوالي 600 ألف مواطن، فيما يعتقد بأن هذه الأرقام مرشحة للارتفاع مع استمرار تقييمات وزيارات مهندسي الأونروا وباحثيها الاجتماعيين لمزيد من المنازل.
وشنّ الكيان الصهيوني في السابع من يوليو الماضي حرباً على قطاع غزة، استمرت 51 يوماً، قبل أن يتم التوصل يوم 26 أغسطس  الماضي، إلى هدنة طويلة الأمد، برعاية مصرية.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -