خبير لـ "قدس برس": على السلطة تعديل اتفاقية باريس بما يتناسب مع الوضع الفلسطيني

خبير لـ "قدس برس": على السلطة تعديل اتفاقية باريس
بما يتناسب مع الوضع الفلسطيني
اعتبر خبير ومحلل اقتصادي فلسطيني أن اتفاقية باريس الاقتصادية بين منظمة التحرير الفلسطينية و الحكومة الإسرائيلية هي السبب الرئيس التي تمنع المواطن الفلسطيني من الاستفادة من الانخفاض العالمي للوقود وإبقاء الاقتصادي الفلسطيني الناشئ والضعيف تبعا للاقتصاد الإسرائيلي القوي، مطالبا بضرورة تعديل هذه الاتفاقية بما يتناسب مع متطلبات الشعب الفلسطيني.
ويشار إلى أن اتفاقية باريس الاقتصادية هي أحد ملاحق اتفاق أوسلو الذي جاءت على إثره السلطة الفلسطينية والموقعة عام 1994م والتي تربط التعامل التجاري بين مناطق السلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال.
وقال الدكتور ماهر الطبّاع الخبير والمحلل الاقتصادي لـ "قدس برس": "يجب على السلطة الفلسطينية أن تغير هذه الاتفاقية الموقعة منذ 21 عاما حيث حينما وقعت لم تكن هذه الفجوة بين الاقتصادي الفلسطيني والإسرائيلي، فكان العمال الفلسطينيون يعملون داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة كان تعداد سكان الضفة وغزة ملونين والآن يصل العدد إلى أربعة ملاين، ولم يكن وضع البطالة بهذه الصورة وكان القطاع الصناعي والتجاري والزراعي الفلسطيني بوضع جيد".
وأضاف متسائلا: "إلى متى سوف نبقى أسرى ورهينة لاتفاقية باريس الاقتصادية العقيمة؟ , و التي ساهمت في تحجيم دور السلطة الوطنية الفلسطينية  وعدم سيطرتها على المصادر الطبيعية و المعابر الحدودية وربطت الاقتصاد الفلسطيني الناشئ ذات النمو الضعيف المحدود بالاقتصاد الإسرائيلي القوي ذات النمو الكبير والذي اعتبره البنك الدولي من ضمن أفضل الاقتصاديات في العالم".
ويشار إلى أن أسعار البترول انخفضت عالميًا من 110 دولار للبرميل إلى 45 دولار للبرميل أي بنسبة تبلغ 60 في المائة خلال الشهور الستة الماضية وذلك بسبب كثرة الكميات المعروضة في الأسواق العالمية , ورفض منظمة "أوبك" خفض الإنتاج , وبالرغم من الهبوط الحاد في أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية , إلا أنّ المحروقات وخصوصا مادتي البنزين والسولار لا تزالا مرتفعتا السعر في الأراضي الفلسطينية، والتي تعتمد على الأسواق الإسرائيلية في تحديد أسعار المحروقات.
وقال الطبّاع: "إن البعض أرجع عدم انخفاض أسعار الوقود محليا بما يتناسب مع الأسواق العالمية، إلى ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الشيكل الإسرائيلي، ولكن من المفترض أن يكون التأثير بنسبة ارتفاع الدولار على الشيكل وهي 15 في المائة أي أنة من المفترض نزول المحروقات بنسبة 45 في المائة وليس 15 في المائة ، إن الانخفاض الذي حدث في الأراضي الفلسطينية عبارة عن أغورات لا تذكر ولا تخفف عن كاهل المواطن الفلسطيني شيئا , بينما انخفضت الأسعار في معظم دول العالم بنسبة تتناسب مع الانخفاض العالمي , فعلى سبيل المثال انخفضت أسعار المحروقات في أمريكا بنسبة 50% , وتم تخفيض سعر جالون البنزين سعة 4 لتر من 4 دولار إلى 2 دولار ليصبح بذلك لتر البنزين في أمريكا بنصف دولار أي 1.95 شيكل وهو أقل بضعفين من سعره في فلسطين".
وأضاف: "الحقيقة أن إسرائيل ربطت من خلال اتفاقية باريس الاقتصادية أسعار المحروقات بالمناطق الفلسطينية بالتسعيرة الإسرائيلية , مع السماح بوجود فرق للمستهلك الفلسطيني لا يتجاوز 15في المائة من السعر الرسمي النهائي للمستهلك في إسرائيل , وتحصل إسرائيل على ما يعرف "بضريبة البلو" البالغة 3 شيكل عن كل لتر من مشتقات البترول يباع سواء في "إسرائيل" أو في مناطق السلطة الفلسطينية هذا بالإضافة إلي ضريبة القيمة المضافة البالغة 18في المائة, وهذا يعني أن كل لتر من مشتاقات البترول يباع في السوق يتحمل ما قيمته 3.5 شيكل وهو ما يشكل أكثر من 50 في المائة من سعر اللتر يذهب لصالح الضرائب , وتعتبر هذه النسبة من أعلى النسب في العالم".
وتسائل الخبير الاقتصادي لمصلحة من تبقى الأسعار مرتفعة في الأسواق الفلسطينية بالرغم من انخفاضها عالميا، وهل يعقل في ظل ارتفاع معدلات البطالة و الفقر و انخفاض دخل المواطن في فلسطين أن يكون سعر المحروقات في السوق المحلى الأغلى عالميا.
وقال: "تحرص الحكومة الإسرائيلية على تخفيض طفيف على أسعار المحروقات وذلك للحفاظ على استمرار تحصيل رسوم الجمارك و الضرائب المرتفعة , وهي تعتبر المستفيد الأكبر من الانخفاض المحدود على أسعار المحروقات داخليا, لأن ذلك يضمن لها تحصيل رسوم الجمارك وبقاء قيمة الضريبة على حالها، وبحسب تقديرات وزارة المالية الإسرائيلية ، فأن الإنفاق العام على استيراد الوقود السائل إلى إسرائيل خلال العام الجاري (2015) سينخفض بأربعة مليارات و (700) مليون دولار نتيجة انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية.
و هذا المبلغ يوازي موازنة الحكومة الفلسطينية لعام 2015".
 وأضاف: "لا يتأثر المستهلك الإسرائيلي بشيء إن ارتفعت أسعار الوقود أو انخفضت , حيث أن قيمة الحد الأدنى للأجور في إسرائيل 5000 شيكل ، فيما يبلغ الحد الأدنى للأجور في الأراضي الفلسطينية 1450 شيكل وهو غير مطبق بشكل فاعل ، وهو أقل من خط الفقر الوطني في فلسطين الذي يبلغ 2293 شيكل شهريا للعام 2011 , كما يوجد فجوة كبيرة بين نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى لدى الطرفين حيث يبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى في إسرائيل 33930 دولار , بينما يبلغ في المناطق الفلسطينية 1973 دولار , وكل هذا بالرغم من التقارب الكبير في أسعار المواد الاستهلاكية و الأساسية لدى الطرفين".
وأكد الطبّاع أن عدم انخفاض المحروقات في فلسطين بما يتناسب مع الانخفاض العالمي , يجعل المواطن الفلسطيني المتضرر الأكبر والوحيد وخاصة في قطاع غزة الذي يعاني من حصار خانق والعديد من الازمات و على رأسها أزمة الكهرباء الطاحنة التي تستنزف موارد المواطنين المعدومة من خلال استخدام المحروقات لتوليد الطاقة الكهربائية في ظل انقطاع التيار الكهربائي عن قطاع غزة لمدة 18 ساعة يوميا.
وأشار إلى أن المحروقات هي إحدى المشاكل التي تواجه الفلسطينيين بسبب هذه الاتفاقية، منوها إلى وجود مشاكل أخرى تتمثل في قضية الضرائب حيث تنص الاتفاقية على أن تقوم إسرائيلي بجبي عائدات الضرائب لصالح السلطة مقابل نسبة 3%، وكذلك ضريبة القيمة المضافة التي رفعتها من 16 في المائة إلى 18في المائة، وهناك حديث عن رفها على 20 في المائة، وهذا الأمر يحث فجوة كبيرة.
وقال الطبّاع: "الاقتصاد الفلسطيني الضعيف لا يستطيع أن يجاري الاقتصاد الإسرائيلي القوي، حيث ان نصيب الفرد لدى الإسرائيليين يزيد عن 15 ضعف لدى الفلسطينيين".
وأضاف: "نحن كذلك لا نستفيد من البنود الأخرى من الاتفاقية والتي تسمح لها بالاستيراد من مصر والأردن ولكن ضمن مواصفات محددة ذلك لإبقاء الاقتصادي الفلسطيني تابعا للاقتصاد الإسرائيلي"
.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -