مسؤولون واقتصاديون: اتفاق باريس وارتفاع سعر الدولار وراء عدم انخفاض أسعار المحروقات في فلسطين وفق النسب العالمية

مسؤولون واقتصاديون: اتفاق باريس وارتفاع سعر الدولار وراء 
عدم انخفاض أسعار المحروقات في فلسطين وفق النسب العالمية
كتب حامد جاد:أجمع مسؤولون ومهتمون بالشأن الاقتصادي على عدم ملاءمة نسبة الانخفاض في سعر المحروقات في الأراضي الفلسطينية مع نسبة الانخفاض في السعر العالمي لبرميل النفط، إذ بلغت نسبة الانخفاض مع مطلع الشهر الحالي بالمقارنة مع العام الماضي أكثر من 55%.
وبينما وصف مصدر مسؤول في الهيئة العامة للبترول نسبة الانخفاض في أسعار المحروقات في الأراضي الفلسطينية بالمرضية لاعتبارات عدة أبرزها ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الشيكل رأى اقتصاديون أن الحكومة الإسرائيلية هي المستفيد الأكبر من التخفيض الطفيف على أسعار المحروقات في الأراضي الفلسطينية نظراً لأنها تحصل بحسب اتفاق باريس ضريبة مرتفعة على الوقود، وبالتالي فهي تسمح بخفض السعر في الأراضي الفلسطينية بنسبة لا تتجاوز 15% من سعره في إسرائيل، الأمر الذي لا يتناسب مع نسبة الانخفاض العالمي في أسعار النفط.

وفي أحاديث منفصلة أجرتها «الأيام»، قال مصدر مسؤول في الهيئة العامة للبترول في رام الله فضل عدم الكشف عن اسمه «نحن نبيع الوقود بأسعار أقل من إسرائيل، فالأسعار المعمول بها حالياً بعد التخفيض الأخير بأسعار المحروقات الذي أعلنته الهيئة أول من أمس تعد الأسعار نفسها التي كان معمولاً بها في عام 2009، كما يتوجب علينا عندما نحسب نسبة الانخفاض الأخذ بالاعتبار ارتفاع قيمة الدولار، حيث أن الجانب الإسرائيلي يستورد الوقود بعملة الدولار».
وبين المصدر نفسه أن الفارق في سعر الوقود من البنزين يجب أن لا يتجاوز حسب بروتوكول باريس أكثر من 15% بالنسبة لاسعار البنزين في السوق الإسرائيلية، وهذا هو الفارق المعمول به حاليا بالنسبة للسعر في الاراضي الفلسطينية.
ولفت في هذا السياق الى أن نسبة الانخفاض المذكورة تنسحب فقط على البنزين بينما السولار فتصل نسبة الفارق في الأسعار بين السوقين الإسرائيلية والفلسطينية لأكثر من ذلك بكثير نظراً لأن سعر السولار في إسرائيل لا يخضع للرقابة، حيث يتراوح سعر اللتر منه بين سبعة شواكل وتسعة شواكل في حين يبلغ سعره في السوق الفلسطينية حسب التسعيرة الأخيرة 5.31 اذ انخفض سعره بثلاثين أغوره بالمقارنة مع الشهر الماضي حيث كان يباع 5.61.
من جهته، أشار د. ماهر الطباع المهتم بالشأن الاقتصادي الى أن انخفاض أسعار البترول عالميا من 110 دولارات للبرميل إلى 47 دولارا للبرميل ما نسبته نحو 60% خلال الأشهر الستة الماضية، إلا أن أسعار المحروقات من البنزين والسولار لا تزال مرتفعة في الأراضي الفلسطينية، وأن الانخفاض الطفيف الذي طرأ أول من أمس على أسعارها لا يتلاءم مع نسبة الانخفاض في السعر عالمياً، حيث انخفضت الأسعار لدى إسرائيل بنسبة لا تتجاوز 15% خلال الفترة السابقة، وبالتالي انخفضت في الأراضي الفلسطينية بنسبة مشابهة مع السوق الإسرائيلية.
وقال الطباع «إن الانخفاض الذي حدث في الأراضي الفلسطينية عبارة عن أغورات لا تذكر ولا تخفف عن كاهل المواطن بينما انخفضت الأسعار في معظم دول العالم بنسبة تتناسب مع الانخفاض العالمي، فعلى سبيل المثال انخفضت أسعار المحروقات في أميركا بنسبة 50%، وتم خفض سعر جالون البنزين سعة 4 لتر من أربعة دولارات إلى دولارين ليصبح بذلك لتر البنزين في أميركا بنصف دولار أي 1.95 شيكل وهو أقل بضعفين من سعره في فلسطين».
وبين أن هذا التباين الملحوظ في سعر الوقود في فلسطين والاسواق الاخرى يرجع بسبب ربط إسرائيل عبر اتفاق باريس أسعار المحروقات في المناطق الفلسطينية بالتسعيرة الإسرائيلية، مع السماح بوجود فرق للمستهلك الفلسطيني لا يتجاوز 15% من السعر الرسمي النهائي للمستهلك في إسرائيل.
ونوه الطباع الى أن إسرائيل تجبي ما يعرف «بضريبة البلو» البالغة نحو ثلاثة شواكل عن كل لتر من مشتقات البترول يباع سواء في «إسرائيل» أو في مناطق السلطة بالإضافة إلى جبايتها ضريبة القيمة المضافة البالغة 18%، وهذا يعني أن كل لتر من مشتقات البترول يباع في السوق المحلية يتحمل ما قيمته نحو 3.5 شيكل، ما يعني أن أكثر من 50% من سعر اللتر يذهب لصالح الضرائب، حيث تعتبر هذه النسبة من الضرائب الأعلى في العالم.
وأشار في هذا السياق، إلى ان المستهلك الإسرائيلي لا يتأثر إن ارتفعت أسعار الوقود أو انخفضت، حيث أن قيمة الحد الأدنى للأجور في إسرائيل 5000 شيكل، فيما يبلغ الحد الأدنى للأجور في الأراضي الفلسطينية 1450 شيكلاً وهو أقل من خط الفقر في فلسطين الذي يبلغ 2293 شيكلاً شهرياً للعام 2011 .
وأكد أن عدم انخفاض المحروقات في فلسطين بما يتناسب مع الانخفاض العالمي يجعل المواطن الفلسطيني المتضرر الأكبر خاصة في قطاع غزة الذي يعاني من حصار خانق والعديد من الأزمات، داعياً في هذا السياق إلى التحرر من اتفاق باريس الاقتصادي وآثاره السلبية على الاقتصاد الوطني.
يذكر أن أسعار النفط بدأت بالتراجع تدريجياً منذ نهاية حزيران الماضي وبعد أن قررت منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» في اجتماع عقدته تشرين الثاني الماضي الإبقاء على سقف إنتاجها النفطي دون أي تغيير يذكر عند مستوى 30 مليون برميل يومياً، حيث أدى قرار «أوبك» عدم خفض الإنتاج إلى هبوط حاد في أسعار النفط.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -