تجار غزة يشتكون من "تضييق" إسرائيل عليهم

تجار غزة يشتكون من "تضييق" إسرائيل عليهم
اسامة راضي وعمر العثماني
غزة 12 أبريل 2015 (شينخوا) يواجه رجل الأعمال الفلسطيني أنور العشي، خطر إغلاق شركته التي تعمل منذ أربعة عقود في قطاع غزة بسبب قرار إسرائيلي يحظر عليه استيراد بضائع من الخارج.
ولدى العشي الذي يملك "الشركة العربية لاستيراد الأخشاب" في غزة، علاقات اقتصادية واسعة مع تجار وشركات في عديد الدول مثل الصين، واندونيسيا، والهند، وإيطاليا عمل على استيراد الأخشاب منها. 
لكنه بات مهددا بفقدان كل ما صنعه من امتيازات تجارية على مدار سنوات عمله الطويلة بعد أن منعته السلطات الإسرائيلية من استيراد الأخشاب وإدخالها عبر معبر (كيرم شالوم- كرم أبو سالم) المنفذ التجاري الوحيد لقطاع غزة.
ويقول العشي وهو في منتصف الخمسينات من عمره بنبرات غاضبة لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن إدارة المعبر في الجانب الفلسطيني أبلغته قبل أسبوعين بقرار إسرائيلي يوقف أي نشاط له لإدخال البضائع عبر معبر (كرم أبو سالم) نهائيا دون تقديم أي مبررات.

ويشير إلى أن نحو عشر شاحنات محملة بالأخشاب كانت تدخل عبر المعبر المذكور لصالح شركته يوميا، فيما يهدد القرار الإسرائيلي بمنعه من الاستيراد بإغلاق الشركة وتقويض عملها الذي تواصل لأكثر من 40 عاما دون أي إشكاليات.
والعشي هو واحد من 16 تاجرا من قطاع غزة قررت السلطات الإسرائيلية منعهم من استيراد البضائع عبر معبر (كرم أبو سالم) الخاضع لسيطرتها خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، بحسب مسؤولين فلسطينيين.
ويقول مدير المعبر في الجانب الفلسطيني منير الغلبان ل((شينخوا)) إن السلطات الإسرائيلية اكتفت بإبلاغهم بقائمة تشمل أسماء التجار الممنوع عليهم الاستيراد لاعتبارات أمنية لم توضح ماهيتها.
ويصف العشي قرار منعه من الاستيراد بأنه "تعسفي وغير مبرر يستهدف تشديد الحصار على التجار وشركاتهم في قطاع غزة من أجل القضاء نهائيا على الاقتصاد المنهار أصلا في القطاع".
ويشير إلى أن 60 موظفا يعملون في شركته مهددون بفقدان وظائفهم كليا بسبب القرار الإسرائيلي، علما أنه كان أجبر على تقليص عدد مماثل من الموظفين خلال الأعوام الأخيرة بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة.
ويعتبر العشي أن إسرائيل "تتذرع بالأمن لمحاربتنا في لقمة عيشنا".
واشتكى تجار ورجال أعمال في غزة أخيرا من فرض إسرائيل المزيد من التعقيدات والقيود على حركة استيراد البضائع وتقليص قائمة مواد الخام التي يسمح بدخولها إلى قطاع غزة خاصة شحنات الأخشاب.
وبحسب مستوردين محليين كان قطاع غزة يستقبل 200 متر مكعب يوميا من الأخشاب المستخدمة في قطاع البناء لكن تلك الشحنات تقلصت بشكل كبير بسبب الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة.
وتأتي هذه الإجراءات بعد مرور نحو سبعة أشهر على انتهاء هجوم عسكري واسع النطاق شنته إسرائيل ضد قطاع غزة استمر 50 يوما وخلف مقتل أكثر من ألفين و200 فلسطيني ودمار هائل في المنازل السكنية والبني التحتية والمصانع.
وسمحت السلطات الإسرائيلية بعد أسابيع من انتهاء الهجوم الأخير بسفر نحو ألف تاجر ورجل أعمال من قطاع غزة عبر تصاريح خاصة عبر معبر (بيت حانون/إيرز) الخاضع لسيطرتها إلى داخل إسرائيل والضفة الغربية.
غير أن هؤلاء اشتكوا من تصعيد إسرائيلي غير مسبوق بحقهم أسفر عن اعتقال بعضهم واحتجاز آخرين، إلى جانب فرض قيود مشددة على حركتهم والإمعان في تفتيشهم على المعبر أثناء المغادرة والعودة.
وبحسب إحصائيات صدرت عن مكتب المرصد (الأورومتوسطي) لحقوق الإنسان في غزة، فإن السلطات الإسرائيلية "اعتقلت 19 تاجرا على معبر بيت حانون منذ مطلع العام الجاري تم تقديم لوائح اتهام لستة منهم".
كما أن تلك السلطات الإسرائيلية احتجزت، بحسب ذات الإحصائيات، "25 تاجرا لعدة ساعات في مراكز الشرطة التابعة لها منذ بداية العام الحالي وسحبت تصاريح 46 تاجرا".
ويعتبر رئيس جمعية رجال الأعمال في قطاع غزة علي الحايك، ل(شينخوا) أن اعتقال واحتجاز التجار وسحب تصاريح السفر منهم "تمثل أكبر معضلات عمل التجار ورجال الأعمال في القطاع".
ويشير الحايك إلى أن إسرائيل "تستمر في فرض قيود مشددة على حركة التجار ورجال الأعمال في غزة رغم المطالبات المتكررة للسلطة الفلسطينية والجهات الدولية السماح لهم بالسفر دون أي عراقيل".
ولا تسمح السلطات الإسرائيلية بمرور أكثر من مائة تاجر في اليوم الواحد عبر معبر بيت حانون الذي يعمل خمسة أيام فقط أسبوعيا عدا عن إغلاقه بالأعياد اليهودية.
ويشدد الحايك على أن "إسرائيل طالما تسمح بدخول بضائع التجار المعروفين لديها والتي تمنحهم تصاريح السفر فليس هناك ما يبرر توقيفهم وإجراء تفتيش مهين لدى اجتيازهم المعبر ومصادرة تصاريحهم وقتما تريد".
واشتكى تجار من غزة أخيرا من "زيادة المقابلات التي تقوم بها المخابرات الإسرائيلية لهم عند محاولتهم السفر بهدف الضغط عليهم، إضافة إلى سحب تصاريح التجارة من عدد منهم حال مخالفتهم بعض تعليمات السلطات الإسرائيلية أو لرفضهم العمل لصالح الأجهزة الإسرائيلية" بحسب ما يقولون.
ويرى مدير الإعلام والعلاقات العامة في الغرفة التجارية في غزة ماهر الطباع ل((شينخوا)) أن إجراءات إسرائيل بحق تجار القطاع تندرج في إطار سياسة "تشديد الحصار" المفروض على القطاع منذ منتصف عام 2007.
ويعتبر الطباع أن إسرائيل "تشن حربا اقتصادية على قطاع غزة وتفرض قيودا واسعة على حركة استيراد البضائع وعمل التجار بما ينفي ما تدعيه عن تقديم تسهيلات بعد الهجوم العسكري الأخير على القطاع".
ويشير إلى أن الممارسات الإسرائيلية المذكورة "أدت إلى شلل اقتصادي متصاعد في غزة بسبب تردد التجار في مواصلة أنشطتهم الاعتيادية خشية من ملاحقتهم أو اعتقالهم أو احتجاز بضاعتهم".
ويقول مسؤولون ومختصون اقتصاديون في غزة إن الممارسات الإسرائيلية بحق التجار "تثير شكوكا كبيرة حول نوايا إسرائيلية حقيقية لإلحاق أضرار بالغة في اقتصاد قطاع غزة المنهك منذ سنوات، خاصة أن التجار يستوردون مواد تتصل بشكل مباشر بالحياة اليومية للسكان".
ويقدر النائب الفلسطيني المستقل جمال الخضري الذي يترأس (اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار) على غزة، بأن القطاع "يتكبد خسائر سنوية بمبلغ 150 مليون دولار بفعل توقف عمل المصانع فيه جراء الحصار الإسرائيلي".
وذكر الخضري في بيان تلقت ((شينخوا)) نسخة منه، أن "80 في المائة من مصانع قطاع غزة تضررت بسبب الحصار الإسرائيلي المشدد على قطاع غزة ما تسبب بإغلاقها بشكل كامل أو جزئي".
ولفت إلى أن إسرائيل "تضع حاليا أكثر من 200 صنف من مواد الخام على قائمة الممنوعات ولا تسمح بدخولها إلى قطاع غزة بحجة الاستخدام المزدوج ما يساهم بوصول نسبة البطالة إلى 60 في المئة في القطاع".
من جهته، يؤكد وكيل وزارة الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية معروف زهران ل((شينخوا)) أن اعتقال واحتجاز إسرائيل تجارا من قطاع غزة رغم حصولهم على تصاريح مرور إسرائيلية بشكل مسبق يشكل "انتهاكا" للقوانين.
ويقول إن الممارسات الإسرائيلية "تمثل تعبيرا آخر لإجراءات الاحتلال التعسفية وغير القانونية المستمرة ضد الفلسطينيين بكافة فئاتهم دون أي اعتبار أو مبرر".
ويضيف زهران أن مثل هذه الممارسات "تتم بحجج أمنية واهية بهدف ضرب الاقتصاد الفلسطيني وإبقاء الضغط على الفلسطينيين من خلال التحكم بكل ما يتعلق بحياتهم اليومية".
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -