لا حديث في غزة عن براءة الطفولة

لا حديث في غزة عن براءة الطفولة
المصدر: زهير دوله - غزة
تمضي الأيام، ومنها يوم الطفل الفلسطيني في الخامس من أبريل، وحياة أطفال فلسطين تزداد سواداً، في ظل أوضاع مأساوية مريرة، ترافقهم في جميع النواحي الصحية والتعليمية والاجتماعية والاقتصادية، بالإضافة إلى ظروف الأطفال الذين هم بحاجة إلى حماية خاصة، ويشتكون الحرمان من أبسط الحقوق التي يتمتع بها أقرانهم في الدول الأخرى.

ويعد واقع الأطفال في قطاع غزة هو الأصعب عالمياً، بفعل ما تعرض له السكان من مجازر، خلال الحرب الأخيرة في صيف 2014. فوفقاً لتقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة والأمومة (اليونيسيف)، لايزال آلاف الأطفال يعانون أزمات وآلاماً نفسية، جراء ما شاهدوه من دمار ومشاهد وحشية في العدوان الأخير.
وتعد ظاهرة عمالة الأطفال هي الأسوأ في الأراضي الفلسطينية، وفي قطاع غزة على وجه الخصوص، حيث تعكس الواقع الأليم الذي يعتصر قلوب الغزيين، فمن أهم عوامل انتشاره زيادة معدلات الفقر، إذ تدفع الأزمات المختلفة التي تعيشها العائلات الأطفال إلى العمل باعة متجولين، لضمان تأمين حياة كريمة للأسرة، والحفاظ على كيانها، بفعل مرض رب الأسرة أو وفاته.
وفي ظل الحديث عن يوم الطفل الفلسطيني، كشفت إحصاءات مركز الإحصاء الفلسطيني أن 65 ألفاً من الفئة العمرية بين سبع إلى 14 سنة، يعملون في الأراضي الفلسطينية، وأكثر من 102 ألف طفل دون سن الـ18 يعملون في أعمال مختلفة، بدءاً من الانتشار في الشوارع على المفترقات، وصولاً إلى الورش والمصانع والمنشآت الاقتصادية المختلفة.
على مفترق السرايا الشهير، وسط مدينة غزة، كان يتنقل الطفل مهند أحمد بين السيارات، لبيع المناديل الورقية والحلويات المغلفة، محاولاً الحصول على القليل ليسد رمق أشقائه الأيتام.
يقول الطفل مهند، لـ«الإمارات اليوم»، بصوت رجولي، «لا أريد أن أكون سجيناً بين جدران منزلنا، وفي المقابل لا يشعر بنا أحد، فلجأت إلى البيع في الشوارع، لتوفير ما أستطيع لعائلتي». ويضيف «في ظل الأوضاع التي نعيشها، لا حديث عن البراءة، وأنا محروم من حضن أبي، وغير قادر على الشعور بالأمان والسعادة».
وأوضح «الاحتلال حرمنا طفولتنا، وقتل آباءنا، وهدم منازلنا، وأصبحنا بين خيارين أحلاهما مر: إما أن نستسلم للأمر الواقع في انتظار من يغيثنا، أو نتحمل المسؤولية، سالكين درباً شائكاً لتوفير لقمة العيش».
ويطالب مهند المؤسسات الدولية ومؤسسات حقوق الإنسان في غزة بالشعور بهموم الأطفال، وإعادة حقوقهم التي سلبها الاحتلال، وتوفير ما يحتاجون إليه حتى يشعروا بآدميتهم وكرامتهم.
وفي السياق، يؤكد الخبير الاقتصادي ورئيس العلاقات العامة في الغرفة التجارية بغزة، ماهر الطباع، ضرورة وجود ضمان اجتماعي للأسر الفلسطينية الفقيرة داخل المجتمع، للحد من ظاهرة عمالة الأطفال.
ويقول إنه «يجب رفع مستوى الوعي المجتمعي بهذه الظاهرة، وضرورة تفعيل دور المؤسسات الرسمية، والتكامل بين الجهات التشريعية والتنفيذية والقضائية، للحد من هذه الظاهرة»، ويوضح أنه على كل المؤسسات الحكومية، والأهلية، ومؤسسات المجتمع المدني، التكاتف لمحاربة ظاهرة عمالة الأطفال، من خلال تكثيف برامج التوعية والتثقيف.
ويضيف أن «هناك من يستغلون الأطفال في العمل، ويجب على المؤسسات الحكومية اتخاذ إجراءات حازمة ضدهم، وفي المقابل رعاية هؤلاء الأطفال، وتوفير حياة كريمة لهم». ويرى أنه لن يحدث أي تحسن في واقع أطفال فلسطين، دون إصلاح الأوضاع السياسية والاقتصادية، لأنها مفتاح النهضة والتنمية الشاملة التي نتطلع إليها.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -