الانهيار الاقتصادي يُأرحج غزة مابين إشتداد أزماتها والإنفجار

الانهيار الاقتصادي يُأرحج غزة مابين إشتداد أزماتها والإنفجار
جريدة الإقتصادية - غزة- نادر الصفدي
” غزة…بقعة منكوبة”، هذا العنوان ما يصلُح أن يطلق الآن على القطاع، بعد تسع سنوات من الحصار الإسرائيلي المجحف، والذي قضى على كل المقومات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية وتسبب بشلل كل مناحي الحياة وأصابها بحالة “موت سريري” لا علاج لها.
لطالما تصدر قطاع غزة، الذي يتعرض لحصار مجحف منذ سنوات شهد خلالها 3 حروب قاسية، عناوين الصحف العربية والأجنبية وحتى المحلية بتدهور الأوضاع ووصولها لمرحلة “الخطر الشديد”، إلا أن تلك العناوين البراقة بقيت في مكانها ولم يجد ما يقارب الـ 2مليون محاصر في غزة من ينقذهم ويزيح عن صدورهم عتمه الحصار التي أظلمت كل شي في حياتهم.
صحيفة “الاقتصادية” تحدثت في عددها السابق عن خطورة تأخر مشاريع الإعمار في القطاع وأثره على الوضع الاقتصادي والمتضررين، إلا أن التقرير الأخير الذي صدر عن البنك الدولي كان كـ”الصدمة” الكبيرة عندما كشف عن أرقام هائلة من البطالة والفقر، وأوضح أن معدل البطالة في قطاع يعتبر الأعلى في العالم، وحالة الاقتصاد فيه على حافة الانهيار، وأن الحصار والحرب وسوء الإدارة، أسباب أحدثت آثارًا مدمرة على اقتصاد غزة.
وقت الانفجار اقترب
الخبير الاقتصادي، الدكتور ماهر الطباع، أكد أن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في قطاع غزة وصلت لمرحلة خطيرة جداً، وبات انفجار المحاصرين في القطاع مسألة وقت لا أكثر.

وأوضح الطباع، لصحيفة “الاقتصادية”، أن كافة المؤشرات في القطاع السياسية والاقتصادية والإنسانية تؤكد أن وقت الانفجار اقترب بشكل كبير، خاصة بعد فشل كل الجهود التي كانت تبذل من أجل التخفيف من وطأة وقسوة الحصار المفروض على القطاع.
وأشار، إلى أن تأخر تنفيذ مشاريع الإعمار في قطاع غزة، وعدم فتح المعابر الحدودية إضافة لبعض الخلافات السياسية القائمة دوافع كبيرة جداً من أجل اشتعال قطاع غزة، وانفجار سكانه في وجه كل من يشارك في الحصار ويعطل من تحسين المستوى المعيشي المتدهور.
وذكر أن كافة التقارير الأخيرة التي خرجت من البنك الدولي أو باقي المؤسسات تدلل على قسوة الأوضاع في القطاع، وأنه لا أمل حتى اللحظة بأي تحرك فعلي على الأرض يمكن أن يساهم ولو بجزء بسيط في التخفيف من الحصار أو وضع حلول للأزمات التي يعاني منها سكانه.
وحذر الخبير الاقتصادي من استمرار الأوضاع التي وصفها بـ”الكارثية” في القطاع، مؤكداً أن بقائه على هذا الوضع سيزيد من الأمر سوءً وسيُفاقم أوضاع المحاصرين بشكل أكثر خطورة عليهم وعلى أسرهم خاصة المتضررين من الحرب الإسرائيلية الأخيرة.
ودعا الطباع، إلى تضافر كل الجهود الداخلية من أجل وضع آلية واضحة ضمن اتفاق فلسطيني وعربي ودولي، على آلية إدخال مواد الإعمار للقطاع وفتح معابره لتسهيل عملية الإعمار وإدخال كافة الأموال التي تم التبرع فيها في مؤتمر القاهرة الأخير ووصلت لـ504 مليار دولار أمريكي.
وأوضح تقرير البنك الدولي، أن معدل البطالة في قطاع غزة ارتفع في 2014 “ليبلغ 44% – وهو على الأرجح أعلى معدل في العالم-“، مؤكدا أن 39% من سكان القطاع يعيشون دون خط الفقر على الرغم من أن حوالي 80% من الغزيين يحصلون على مساعدات.
وأشار إلى أن الحروب الإسرائيلية المتكررة على القطاع ألحقت أضرار شديدة في اقتصاد غزة، خاصة في مجالات الزراعة والإنشاءات والصناعة، كما أن الحصار الإسرائيلي المستمر أثر بشدة على حالة الاقتصاد وحياة الأفراد.
وقال مسئول عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين في قطاع غزة “روبرت تيرنر” إنه:” وفي حال لم تتغير الوتيرة الحالية لإعادة إعمار قطاع غزة من حيث السرعة وضخ الأموال اللازم لها، فإن غزة لن تُبنى أبدًا.”.
كما وطالبت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين بتحرك جدي وفعال من أجل إنقاذ المحاصرين في قطاع غزة، مشيرةً إلى أن استمرار الحصار، سيؤول الأمور لانفجار خطير يتحمل العالم أجمع تداعياته، فيما حمّلت حركة حماس، إسرائيل والسلطة الفلسطينية مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية في القطاع.
مناشدات طارئة
من جانبه، أكد عمر شعبان الخبير الاقتصادي، أن الأرقام الأخيرة التي صدرت عن المؤسسات الدولية والاقتصادية تجاه قطاع غزة، خاصة في معدلات الفقر والبطالة والتعليم مخيفة جداً وصادمة للغاية.
وقال شعبان لصحيفة “الاقتصادية”، :”الأوضاع في غزة لا تحتاج إلى دلالات وتقارير دولية لكشفها للعالم، كون العقبات والأزمات المتفاقمة ظاهرة للجميع، والحصار المفروض على القطاع مستمر منذ أكثر من ثماني سنوات متواصلة من كافة الجهات”.
وأشار، إلى أن كافة المؤشرات الموجودة الآن في قطاع غزة تؤكد أن وقت الانفجار اقترب، وأن أكثر من  مليون وثمانمائة ألف محاصر لن يصمتوا طويلاً وستكون لهم كلمة قوية في وجه هذا الحصار الظالم المفروض عليهم.
وعد الخبير الاقتصادي الأسباب الرئيسي التي قد تعجل بانفجار قطاع غزة، ذكر منها فشل المصالحة الفلسطينية الداخلية وتعذر سيطرة الحكومة على القطاع، إضافة لتأخر تنفيذ مشاريع الإعمار في  غزة وتعويض المتضررين من الحرب، وعدم التزام الدول المانحة في توفير أموال التبرعات التي قدمت لغزة مؤخراً.
وطالب شعبنا، بضرورة إتمام المصالحة الداخلية والتحضير للانتخابات الرئاسية والتشريعية ، كحل جذري للبدء بإنعاش قطاع غزة اقتصاديا وتنفيذ مشاريع الإعمار ووضع حلول لكافة الأزمات المعيشية القاسية في غزة.
ويواجه قطاع غزة أزمة إنسانية منذ الحرب التي استمرت 50 يوما بين إسرائيل وحركة حماس، ويحذر المجتمع الدولي من اندلاع نزاعات أخرى في غياب المصالحة الفلسطينية وعدم رفع إسرائيل للحصار الذي تفرضه على القطاع.
وأسفر الهجوم الإسرائيلي الأخير على غزة في تموز/يوليو وآب/أغسطس من العام الفائت عن استشهاد حوالي 2200 فلسطيني، غالبيتهم من المدنيين، فضلا عن تشريد مئة ألف آخرين في هذا القطاع الذي يضم 1,8 مليون نسمة، ولم تبدأ عملية إعادة اعمار غزة بشكل فعلي حتى الآن بسبب حصار مستمر منذ ثمانية أعوام يمنع إيصال المواد الضرورية.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -