معدلات الفقر المدقع ترتفع وربع مليون عاطل.. سيناريوهات الاقتصاد المتشائم وحلول الإعمار



معدلات الفقر المدقع ترتفع وربع مليون عاطل.. 
سيناريوهات الاقتصاد المتشائم وحلول الإعمار

غزة – «القدس العربي» أشرف الهور: كل الأرقام التي تتحدث عن الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة تتحدث عن «سيناريوهات متشائمة» في الفترة المقبلة، ستزداد فيها الأوضاع سوءا، إن لم يتم تدخل سريع يرفع الحصار، وتبدأ بموجبه عملية إعمار فعلية للقطاع، من أجل إعادة دوران العجلة الاقتصادية، وتشغيل عشرات آلاف العمال الذين باتوا مصنفين على بند البطالة.
ففي قطاع غزة الساحلي الذي يقطنه أكثر من 1.8 مليون نسمة، بدأ الوضع الاقتصادي يسوء مع انسحاب إسرائيل أحادي الجانب في العام 2005، وإغلاقها سوق العمل أمام السكان. وفي العام 2007، فرضت إسرائيل حصارا محكما على القطاع، منعت بموجبه العديد من السلع وفي مطلعها مواد البناء، والمواد الخام من الدخول للسكان المحاصرين.
هذه العمليات التي حالت دون وصول هذه المواد، أدت إلى إغلاق مئات الورش والمصانع، وتوقف عجلة الاقتصاد والبناء، ما ألحق معظم عمال غزة في صفوف البطالة، يعتمدون لإعاشة أسرهم على مساعدات من مؤسسات دولية.
أوضاع سكان القطاع الاقتصادية تحسنت قليلا، مع حفر أنفاق تهريب للبضائع على الحدود الفاصلة عن مصر، فمن هذه الأنفاق تمكن السكان المحاصرين من إدخال المواد الخام ومواد البناء، لتدور عجلة الاقتصاد، غير أن هذا الحال لم يدم كثيرا، فلجأت السلطات المصرية بعد عزل الرئيس محمد مرسي إلى إغلاق هذه الأنفاق بشكل كامل، ما أعاد الأمور والأزمة الاقتصادية في غزة إلى المربع الأول.
«القدس العربي» حاورت الخبير الاقتصادي الدكتور ماهر الطباع، مدير الغرفة التجارية في قطاع غزة، عن ملف الاقتصاد في القطاع، فأكد أنه لا يوحد بالأصل «بنية اقتصادية» في غزة، فهو يقول أن كل شيء انهار، فحسب ما قدم من أرقام ومعلومات، فإن العام الماضي 2014، كان «الأسوأ اقتصاديا.
وقال أيضا أن «السيناريو المتشائم» هو ما يعيشه السكان، دون وجود أمل من شأنه أن يخفف الأوضاع الاقتصادية السيئة هذه إلا بدوران عجلة العمل من خلال بداية حقيقية للإعمار.
وأشار إلى ارتفاع نسب البطالة بشكل كبير، فقال أن هناك في غزة من مجموع عدد السكان 230 ألف عاطل عن العمل، أن 65 ٪ من أسر القطاع تعيش في «فقر مدقع»، وتعتاش على مساعدات من جهات دولية.
ويقول أيضا أن المؤشرات الاقتصادية في غزة «خطيرة» بانخفاض نسبة الناتج المحلي في الربع الأخير من العام الماضي 18٪، وذلك بسبب انكماش الاقتصاد، حسب تصنيف البنك الدولي.
ويؤكد الدكتور ماهر الطباع أن الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعيشها سكان غزة «مرشحة للزيادة».
وقد زادت الأمور تعقيدا بالنسبة للسكان الفقراء في قطاع غزة، خلال وبعد الحرب الأخيرة التي شنتها إسرائيل ضد القطاع الصيف الماضي، ودامت 51 يوما، فأكثر من 40 ألف أسرة فقدت سكنها بشكل كامل، ومن هذه العائلات من فقدت مكان عملها، سواء كان محلا تجاريا، أو مشروعا اقتصاديا جرى تدميره بالأسلحة الإسرائيلية، علاوة عن التدمير الذي لحق بالعديد من المصانع والأراضي الزراعية.
فإسرائيل تعمدت في الحرب تدمير نحو 200 مصنع وورشة عمل، ما أدى إلى تفاقم نسب الفقر، وإلحاق خسائر إضافية بأصحاب رؤوس الأموال.
وحسب أرقام إحصائية سابقة فإن 90٪ من سكان قطاع غزة وخاصة بين فئة الشباب والخريجين يعيشون تحت خط الفقر.
وقد قالت اللجنة الشعبية لفك الحصار عن غزة في تقرير سابق لها أن القطاع يسجل أعلى نسبة فقر.
وذكرت أن نسبة البطالة ارتفعت بشكل كبير تجاوزت الـ65٪، في حين وصل معدل دخل الفرد اليومي نحو 1 دولار ( خط الفقر المتعارف عليه عالمياً دولار واحد في اليوم للفرد).
ودعت اللجنة الشعبية المجتمع الدولي إلى ضرورة العمل لرفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة وفتح المعابر كافة تفاديا لمزيد من الأزمات الإنسانية الخطيرة.
وبينت أن إنهاء الحصار وفتح المعابر والسماح بدخول مواد البناء والمواد الخام يعني تشغيل المصانع والورش والفنيين والعمال وخفض نسبة البطالة بصورة كبيرة وما يترتب على ذلك من تحسن الوضع المعيشي لمئات العائلات والتقليل من نسب الفقر.
ويكرر مسؤولون دوليون خاصة في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا»، مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بضرورة أن ترفع إسرائيل حصار غزة.
وقبل أسابيع قليلة دعت 50 منظمة أممية ودولية، من بينها «الأونروا» إلى رفع الحصار،وتحدثت عن الآثار الكارثية لاستمراره على كل المستويات في قطاع غزة، مشيرة إلى أن الأوضاع في القطاع تحتاج إلى تدخل عاجل والضغط على إسرائيل لرفعه.
وقال المفوض العام لـ «الأونروا» فيليبو غراندي أن الحصار أدى إلى قيام منظمته بمساعدة أكثر من 750 ألف لاجئ، فيما يهدد نقص التمويل برامجها الطارئة، وعلى رأسها برنامج تشغيل العاطلين عن العمل الذي تم خفضه إلى 70 ٪.
مدير عمليات «الأونروا» في قطاع غزة روبرت تيرنر، جدد في آخر لقاء معه بالصحافيين حديثه عن خطورة الوضع الاقتصادي في غزة.
وحذر من انفجار قريب وتجدد القتال، إن لم يتحسن الوضع الاقتصادي، ويتم إيجاد استقرار سياسي، وطالب وقتها بفتح المعابر وإنهاء الحصار الإسرائيلي المفروض على السكان.
وأشار إلى تأخر وصول أموال المانحين من أجل بدء عملية إعادة الإعمار في قطاع غزة المدمر، وقد ناشد الدول المانحة للالتزام بما عليها من تعهدات مالية أقرت في «مؤتمر القاهرة».
وقد تعهدت الدول المانحة التي حضرت «مؤتمر القاهرة» بدفع مبلغ مالي كبير قدره 5.4 مليار دولار، لإعادة إعمار قطاع غزة، غير أن أيا من هذه الدول سوى قطر لم تبدأ بضخ أموالها لإعمار الخراب الذي خلفه الاحتلال في غزة، وهناك حديث من قبل الحكومة عن قرب تنفيذ مشاريع إعمار بدعم كويتي وسعودي.
ويقول الخبير الاقتصادي ماهر الطباع لـ «القدس العربي» أن حل مشاكل غزة الاقتصادية، بما فيها التغلب على الفقر والبطالة من الممكن أن ينتهي إذا ما بدأت عملية إعمار حقيقية في القطاع، لكنه أشار إلى أن الوضع الحالي الذي تدخل فيه كميات قليلة من مواد البناء لترميم المنازل المتضررة جزئيا لا يكفي لإنهاء الأزمة.
ويقول أن ما دخل غزة من مواد إعمار يقدر بـ 70 ألف طن من الأسمنت، وأن غزة تحتاج يوميا من أجل إعادة عجلة الإعمار إلى 10 آلاف طن بشكل يومي، كي تساهم في دفع عجلة الاقتصاد.
ويشير إلى أنه من أجل إنهاء المأزق الذي يعيشه سكان القطاع ، فإن ذلك يتطلب إنهاء إسرائيل لكامل حصارها، وبدء الإعمار للوصول إلى «مؤشرات إيجابية».
وإسرائيل تتحكم رغم انسحابها من غزة في كل تفاصيل الحياة، فهي تتحكم بالمعبر التجاري الوحيد الذي تدخل منه بضائع للسكان «كرم أبو سالم»، وتضع إسرائيل جملة من القيود على البضائع منذ الحصار، وكذلك في معبر الأفراد بيت حانون «إيرز» وهو فقط مسموح من خلاله بمغادرة المرضى وأصحاب الحاجة الماسة، إضافة إلى تحكمها في الحدود البحرية، حيث تفرض أيضا قيود على عملية الصيد، في ظل إغلاق مصر لمعبر رفح المتنفس الوحيد للسكان البعيد عن إسرائيل.
وعلى أمل بدء الإعمار ورفع الحصار أو تخفيفه على الشكل الذي يضمن عودة عجلة الاقتصاد والعمل بالدوران في غزة من جديد، يعلق السكان المحاصرين كل آمالهم على تحقيق هذه الأمر، على أمل الوصول إلى واقع اقتصادي أفضل.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -