هل يُنهي مقترح إمداد محطة توليد الكهرباء بغزة أزمات السكان المتفاقمة؟

هل يُنهي مقترح إمداد محطة توليد الكهرباء بغزة أزمات السكان المتفاقمة؟
الشيخ خليل: موافقة الجانب الإسرائيلي على مد خط غاز لمحطة توليد ا
لكهرباء بغزة ما زال شفهياً ولا موعد للبدء به!
الطبّاع: المشروع لن يُنهي أزمة كهرباء غزة.. وعقبات كثيرة تُواجهه!!
مواطنون: المشاريع لحل أزمة الكهرباء كثيرة.. والواقع لا يُشير إلى تنفيذ أيٍّ منها!!
 غزة - محاسن أُصرف
 قلل مسؤولون في قطاع غزة من التفاؤل الكبير بإنهاء أزمة الكهرباء في القطاع التي بدأت منذ قصف الاحتلال الإسرائيلي لمحولاتها وخزاناتها في عام 2007، و2014 على التوالي، وتتفاقم بشكل كبير عند عدم توريد الوقود الصناعي المُشغل للمحطة، وأوضح المسؤولون في لقاءات منفصلة لـ"الحدث" أن الموافقات من الجانب الإسرائيلي على مد محطة توليد الكهرباء في غزة بخط غاز طبيعي ما زالت شفهية، وأن التمويل لهذا المشروع كبير ولم يُرصد بعد، ناهيك أن "إسرائيل" طالما رفضت الكثير من الحلول لمشكلة الكهرباء وفقاً لتطورات الواقع السياسي بينها وبين الجانب الفلسطيني.
 وكان نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية قد صرّح خلال خطبة الجمعة نهاية الشهر الماضي، أن السفير القطري محمد العمادي اقترح خلال لقائه بمسؤول الارتباط الإسرائيلي حلولاً جذرية لأزمة كهرباء غزة بأن يتم مد الخط بشكل مباشر من شركة الغاز المتواجدة قبالة شواطئ غزة إلى المحطة، أو أن يكون الخط من "إسرائيل" ويمر بمصر ومن ثم إلى المحطة، منوهاً إلى استعداد قطر لدعم المشروع.
فيما أوضح رئيس سلطة الطاقة والموارد الطبيعية بالضفة الغربية، عمر كتانة أن الجانب الفلسطيني جهّز مذكرة تفاهم مع الجانب الإسرائيلي تقضي بمد محطة توليد الكهرباء بقطاع غزة بخط غاز، متوقعاً أن يتم تقديمها قريباً للجانب الإسرائيلي للموافقة عليها والبدء بتنفيذ المشروع.
وأشار كتانة إلى أن سلطة الطاقة سلمت مؤخراً سلطات الاحتلال الإسرائيلي مقترحات لإمداد قطاع غزة بخطي كهرباء إضافيين من "إسرائيل"، إلا أنها لم تتلقَّ أي رد، ويرى كتانة أن تنفيذ مشروع إمداد غزة بخطي كهرباء إضافيين من "إسرائيل" أسهل وأسرع من تنفيذ مشروع مد المحطة بخط غاز.
أموال بلا جدوى
وخلال زيارته الأخيرة إلى قطاع غزة، منتصف مارس الماضي شدد السفير القطري محمد العمادي على ضرورة إيجاد حلول جذرية لأزمة الكهرباء في قطاع غزة، وقال العمادي في تصريحات سابقة لـ"الحدث" إن دولته دفعت أموال طائلة خلال السنوات الثلاث الأخيرة لحل أزمة الكهرباء لكن دون جدوى، إذ لم تتمكن المحطة من إنتاج أكثر من 70 ميجا وات من مجمل قدرتها الإنتاجة البالغة 140 ميجا وات، واقترح العمادي إمداد المحطة بخط غاز تعمل به، إضافة إلى توصيل خط جديد بطاقة 100 ميجا وات من "إسرائيل" إلى القطاع بما يُحقق تخفيف الأزمة بشكل كبير وإنهائها تدريجياً.
ونوه العمادي في حواره السابق لـ"الحدث" أن إمداد محطة التوليد بخط الغاز مُجدٍ اقتصادياً ويُقلل من تكاليف إنتاج الطاقة رغم أن إنجازه قد يستغرق عامين، لافتاً إلى أن تكلفة تشغيل المحطة بالغاز لإنتاج 140 ميجاوات حوالي 3 مليون دولار شهرياً، وهي أقل بأضعاف مضاعفة من تكلفة إنتاج ذات الكمية باستخدام السولار الذي يُكلف 20 مليون دولار شهرياً.

ما زال شفهياً
ومن جانبه أوضح فتحي الشيخ خليل، نائب رئيس سلطة الطاقة بغزة، أن موافقة الجانب الإسرائيلي على مد خط غاز لمحطة توليد الكهرباء، ما زالت موافقة شفهية، وقال لـ"الحدث": "حتى الآن لم يصل لنا موافقة رسمية".
وكشف الشيخ خليل لـ"الحدث" أن مقترح المشروع مطروح منذ زمن لكن لم يخرج حيز الورق إلى التنفيذ على الأرض، وأضاف أنهم سلموا مقترحات طرق مد خط الغاز للجهات المعنية بالتفاوض مع الجانب الإسرائيلي ولم يتلقوا جواباً حتى اللحظة، لافتاً إلى أن أفضل طرق مد خط الغاز إلى محطة التوليد هو أن يربط بين مصر وإسرائيل عبر البحر المتوسط كونه لا يبعد أكثر من 5 كيلومتر عن شاطئ بحر غزة، وقال: "هو أفضل الطرق وأقصرها لإنشاء خط الغاز"، وفيما يتعلق بحشد التمويل للمشروع أكد الشيخ خليل أن جهات دولية عديدة أبدت استعدادها لتمويل المشروع فور الحصول على الموافقات الرسمية من الاحتلال الإسرائيلي، وتابع أن  الدول الممولة للمشروع ترى فيه جدوى أفضل من تمويل الوقود الذي يستنفذ ملايين الدولارات دون أن يحل أزمة الكهرباء ولو جزئياً.
ويتوقع الشيخ خليل بأن يُنتج خط الغاز المنوي تنفيذه في حال الحصول على الموافقات الرسمية وتوقيع الاتفاقيات التنفيذية للعمل، ما يُقارب من 500 ميجا وات لسد العجز الذي يواجهه القطاع في الكهرباء منذ عام 2008.
وإلى ذلك دعا الشيخ خليل المواطنون إلى التريث في التفاؤل بقرب تنفيذ المشروع وحل أزمة الكهرباء جزئياً وعلى المدى البعيد، خاصة وأن الاحتلال الإسرائيلي سبق ورفض مشروعات عديدة أمام واقع سياسي، وقال لـ"الحدث": "طالبنا مراراً بإعادة تشغيل خط الكهرباء 161 ولكن "إسرائيل" دائماً ترفض لأسباب ومشاكل سياسية". 

صعوبة التنفيذ
ويرى الخبير الاقتصادي د. ماهر الطباع، أنه من الصعوبة بمكان في ظل تعثر الظروف السياسية والاقتصادية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي البدء سريعاً بمشروع مد خط الغاز لشركة توليد الكهرباء بغزة، وقال في اتصال هاتفي لـ"الحدث": "وفق المعطيات الصعبة على الأرض من تعثر المفاوضات والقيود التي تفرضها إسرائيل على السلطة ومحاولاتها تشديد الحصار بحجز عائدات الضرائب لا أعتقد أن إسرائيل ستوافق فعلياً في الوقت الحالي على المشروع، وسيبقى نظرياً على الورق".
وعلى الرغم من إقرار الطبّاع بعدم سرعة تنفيذ المشروع، إلا أنه يؤكد على تأثيراته الإيجابية على حياة المواطنين في غزة والذين عانوا ويلات أزمة الكهرباء منذ عام 2008، لافتاً أنه سيُخفف ساعات القطع كثيراً، مستدركاً أنه لن يُنهيها تماماً، والسبب وفق تقديراته أن احتياجات القطاع من الكهرباء تفوق القدرة الإنتاجية للمحطة إذا عملت بشكل كامل بعد مد خط الغاز، ويقترح الطبّاع بضرورة العمل على حلول سريعة وعملية وذلك عبر تشغيل خط كهرباء 161 الواصل للقطاع من "إسرائيل" والذي من شأنه أن يمد القطاع باحتياجاته من الكهرباء لحين البدء بتنفيذ خط الغاز.
ويُقدر مختصون احتياج قطاع غزة من الكهرباء بحوالي 400 ميجا وات، متوفر منها 100 ميجاوات تشتريها غزة من إسرائيل، و28 ميجا وات أخرى تشتريها من مصر، و140 ميجا وات القدرة الإنتاجية الكاملة لمحطة التوليد إن مُد لها خط الغاز، فيما يبقى عجز حوالي 100-150 ميجاوات، ستفرض أثرها مجدداً على حياة المواطنين.

تفاؤل حذر
من جانبهم، المواطنون في غزة، وبعد أن أوردت وسائل الإعلام المحلية تصريحات لنائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، حول موافقة الجانب الإسرائيلي على مد خط غاز لشركة توليد الكهرباء، تفاءلوا خيراً بتخفيف أزماتهم ومعاناتهم اليومية التي يُسببها انقطاع الكهرباء لما يقرب من 18 ساعة يومياً، لكنهم أبدوا تخوفهم من أن تكون التصريحات المعلن عنها ترهات إعلامية فقط، سيما وأن وعوداً سابقة أُبرمت ولم يُنفذ منها شيء لأسباب يُدركها الساسة وصُناع القرار.
المواطنة أم رشدي 45 عاماً من حي الزيتون شرق مدينة غزة، والتي أتت طائرات الاحتلال على بيتها فأحالته إلى كومة ركام ورماد، قللت من الحلول العبقرية، كما تصفها، التي تناقلتها وسائل الإعلام، وقالت لـ"الحدث": "لن تتجاوز التصريحات مدى أبعد من حناجر المسؤولين الذين أتقنوا في الآونة الأخيرة منح الغزيين إبر البنج"، وتتابع السيدة: "بمجرد أن يأتي وفد إلى القطاع نسمع أطروحات وحلول لأزماتنا لكن لا نرى تطبيقاً أبداً".
لن تنتهي
فيما ألمح المواطن محمد عز الدين، 65 عاماً من مدينة خان يونس، أنه حتى وإن مُد خط الغاز لمحطة توليد الكهرباء فإن غزة لن تنعم بكهرباء على مدار الـ24 ساعة، مُعللاً ذلك بقيمة ما يحتاجه القطاع من كهرباء وما يُمكن أن يُوفره المشروع، إن صدق المروجون له.
وطالب المواطن ميسرة أحمد 35 عاماً، من حي الشجاعية شرق مدينة غزة، الجهات المعنية بتحمل مسؤولياتها وإيجاد حلول جذرية تُنهي معاناة السكان من الكهرباء التي بالكاد تصل إلى البيوت ست ساعات يومياً، ولم يُبدِ أحمد كثيراً من الأمل بأن تتحسن أوضاع الكهرباء قريباً في القطاع، مؤكداً أنه اعتاد على إبر البنج، في إشارة منه إلى تصريحات المسؤولون المسكنة لأزمة الكهرباء ووعودهم الكثيرة بحلها دون جدوى، وقال: "لن نصمت عن حقوقنا وعلى صُناع القرار السياسي الفلسطيني والإسرائيلي أن يُنهوا أزمة كهرباء غزة قبل انفجار المواطنين".
 وشهد قطاع غزة مؤخراً عدداً من التظاهرات السلمية نظمها مواطنون ولجان شعبية وفصائلية تُطالب بإنهاء أزمة كهرباء غزة.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -