ما تشهده عملية إعادة الإعمار من تباطؤ يكشف زيف ادعاءات إسرائيل باتخاذ تسهيلات على المعابر

ما تشهده عملية إعادة الإعمار من تباطؤ يكشف زيف
 ادعاءات إسرائيل باتخاذ تسهيلات على المعابر
الحدث - حامد جاد
شكك اقتصاديون وقائمون على مؤسسات ذات علاقة بعملية إعادة الإعمار بصدقية إدعاء الجانب الإسرائيلي اتخاذ تسهيلات على المعابر وزيادة كميات مواد البناء الواردة لقطاع غزة مؤكدين أن مايجري على أرض الواقع من تباطؤ في وتيرة  إعادة الإعمار وعدم تزويد منشآت قطاع الإنشاءات والقطاع الخاص بمواد البناء يعد دليلاً على زيف هذه الادعاءات.
 
ميكانزمات معيقة للإعمار
وفي لقاءات منفصلة استطلعت الحدث فيها آراء ذوي العلاقة المباشرة بمجريات عملية إعادة الإعمار قلل نبيل أبو معيلق رئيس اتحاد المقاولين من جدية التسهيلات الإسرائيلية المزعومة معتبراً أنه طالما لم يسمع أن المواطن العادي تمكن من الحصول على مواد البناء فلن يقر بـأن هناك تسهيلات، لافتاً إلى أن ما تم إدخاله من مواد البناء منذ شهر تشرين أول الماضي لا يلبي أكثر من أسبوعين عمل فعلي في إعادة الإعمار باحتساب أن إعادة إعمار ما دمرته الحرب الأخيرة يتطلب إدخال نحو عشرة آلاف طن يومياً من الإسمنت.
 وألمح أبو معيلق إلى جهات معنية بإعاقة وتأخير عملية الإعمار دون أن يسميها مشدداً بقوله: "هناك البعض من المعنيين بتأخير سير الأمور بمعنى أنهم يعطوننا وعوداً وتعهدات من سراب، فإدخال نحو 60 ألف طن من الإسمنت لأصحاب البيوت من المتضررين جزئياً لم يبن أي شيء ولم يرتق لمستوى تشغيل الصناعات الإنشائية ولا إعادة دوران العجلة الاقتصادية".
 
وأضاف: "الاحتلال هو المعيق الرئيس لعملية إعادة الإعمار والميكانيزمات التي يتبعها برنامج  الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) سبب آخر في عرقلة عملية إعادة الإعمار، وبالتالي يتوجب على حكومة التوافق أن تبرر أسباب التأخير وتكشف عن الأسباب الحقيقية التي ما زالت بعد مرور ثمانية أشهر على انتهاء الحرب تحول دون تمكين من هدمت بيوتهم من إعادة بنائها، لذا المطلوب فلسطينياً من رئيس الوزراء الحمدلله التحرك العاجل لوضع حد لأزمة تأخر عملية إعادة الإعمار".
 
وأكد أبو معيلق أنه منذ أن انتهت الحرب وحتى الآن لم تستعيد شركات المقاولات عملها وأن ما تنفذه بعض الشركات بوتيرة عمل بطيئة جداً لا يشكل الحد الأدنى من القدرة الفعلية لقطاع المقاولات. 
 
واعتبر أن الموردين المعتمدين واللجنة القطرية يعملون بجدية ويبذلون كل جهد لإدخال كميات مناسبة لمواد البناء بينما فريق المراقبين لإعادة الإعمار unops وهيئة الشؤون المدنية يعملون عن بعد في رام الله وليس هناك من يشعر بأوضاع أصحاب البيوت المهدمة.
 
وشدد أبو معيلق على ضرورة أن يكون هناك تواجداً ميدانياً في غزة لرئيس هيئة الإعمار وذلك في إشارة منه إلى الدكتور محمد مصطفي رئيس اللجنة الحكومية لإعادة الإعمار.    
 
مجرد ترميمات واصلاحات
من جهته قال فريد زقوت المدير التنفبيذي لاتحاد الصناعات الانشائية: "حتى اللحظة لم نلمس أي تسهيلات تذكر على معبر كرم أبو سالم لكننا متفائلون أن تشهد الأيام القريبة القادمة زيادة في عدد الشاحنات الواردة بعد أن تم زيادة عدد الموردين المعتمدين لمواد البناء فهناك حركة نشطة تبذلها هيئة الشؤون المدنية تجاه الموافقة على زيادة عدد الموردين حيث طالبتنا الهئية بتزويدها بقائمة أسماء أصحاب مصانع الباطون ومصانع الطوب والإنتر لوك "حجر الجبهة" كي يتم رفعها للجانب الإسرائيلي للموافقة عليها تمهيداً لتزويدهم بمواد البناء".
 
وأضاف: "إن اعتماد قائمة أصحاب المصانع الإنشائية لا بد أن يتم عقب حصولهم على موافقات أمنية كي يتم تزويدهم بمواد البناء منوهاً إلى أن جهوداً حثيثة تبذل حالياً للحصول على الموافقات لبعض المقاولين عبر هيئة الشؤون المدنية ولكن هذا الأمر ليس كافياً حتى اللحظة، حيث تناهى إلى مسامعنا في الاتحاد أن هناك موافقة مبدئية على 25 اسماً من أصحاب المصانع المذكورة وذلك من أصل 240 اسماً جميعهم أعضاء في الاتحاد".
 
وطالب زقوت كافة الجهات المسؤولة بالعمل على تعزيز حق هذه المصانع التي استهدفت من الاحتلال بالعودة للعمل حيث أن هناك 212 منشأة إنشائية تضررت خلال الحرب الأخيرة واستهدفت خلال الحروب الأخيرة وتقدر الأضرار التي لحقت بها بنحو 32 مليون دولار.
 
 واعتبر زقوت أن قطاع الصناعات الإنشائية صمد وانتظر طويلاً اليوم الذي سيستعيد به نشاطه كي يساهم  في إعادة الإعمار لافتاً إلى أن نسبة بسيطة جداً من أصحاب الصناعات الإنشائية يعملون بينما الغالبية العظمى منهم متعطلون عن العمل.
 
وشدد زقوت على مطالبة الجهات الدولية بالعمل على تسهيل دخول مواد البناء من أجل إعادة بناء وتأهيل منشآت هذه الصناعة لتمكينها من المشاركة في عملية إعادة الإعمار كشرط أساس لإنجاح عملية إعادة  الإعمار.
 
ووصف كل ما أثير حول التسهيلات الإسرائيلية المزعومة بدعاية إعلامية ولم يلمس المواطن أي جديد على أرض الواقع معتبراً أن الإعمار الحقيقي يتم عند إعادة إعمار المنشآت الحكومية والمباني الخاصة وأن كل ما جرى خلال الأشهر الماضية لا يعدو عن مجرد ترميمات وإصلاحات جزئية لعدد كبير من البيوت المتضررة جزئياً ولم يتم تلبية ما يحتاجه قطاع غزة من مواد البناء اللازمة لسد احتياجات المواطنيين والتجاوب مع الحد الأدنى لمتطلبات النمو السكاني.
 
مشاكل اجتماعية ترتبت على إقامة أكثر من أسرة في منزل واحد
وقال زقوت: "منذ عام 2006 وحتى اليوم هناك أزمة حادة نتيجة ترتبت على النقص الحاد في الوحدات السكنية بالمقارنة مع الاحتياجات المطلوبة لعدد السكان والزيادة السنوية التي تقتضي توفير ما لا يقل عن خمسة آلاف وحدة سكنية"، ومع ارتفاع أسعار الإسمنت في السوق السوداء حيث بلغ سعر طن الإسمنت مؤخراً نحو 1800 شيكل، فإن هذا الواقع ترتب عليه جملة من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية بما في ذلك تزايد حالات الطلاق نتيجة إقامة أكثر من أسرة في منزل واحد قد يضم ثلاث أو أربع أسر ما ترتب عليه عدم شعور الأسرة الواحدة بالاستقلالية الأمر الذي  أثر سلباً على مجمل الحياة الاجتماعية لآلاف الأسر المتضررة جراء الحرب بالأخيرة".
 
وشدد زقوت على ضرورة توريد مواد البناء من خلال كافة معابر القطاع مشيراً إلى أن الإسمنت يمر عبر معبر أبو سالم وأن كل ألف طن إسمنت يتطلب مقابله دخول ثلاثة آلاف طن حصمة وأن طاقة المعبر لا تسمح بذلك.
 
وتوقع زقوت أن تشهد الأيام القريبة القادمة عقب الزيارة الأخيرة لرئيس الوزارء الدكتور رامي الحمدلله  إلى غزة انفراجاً من حيث زيادة كمية مواد البناء وإمكانية اتخاذ تسهيلات على حركة المعابر بعد التحركات من قبل مجتمع المانحين خاصة بعض الدول العربية التي شرعت فعلياً بتقديم مساعدات مالية من الأموال التي تعهدت بدفعها خلال مؤتمر المانحين الذي عقد في القاهرة في شهر تشرين أول الماضي.
 
ولفت زقوت في هذا الشأن إلى الأثر الإيجابي المترتب على موافقة إسرائيل على تزويد المشاريع التي تمولها قطر باحتياجاتها من مواد البناء بحيث لم تعد هذه المشاريع تزاحم المشاريع الأخرى وتقاسمها في مواد البناء الأمر الذي يدعو بحسبه إلى التفاؤل.
 
ويذكر في هذا الشأن أن عدد مراكز توزيع الإسمنت المعتمدة ارتفع خلال الأيام الأخيرة الماضية ليصل إلى  25 مخزناً بعد أن كانوا 16 مخزناً ما يعني أن كميات مواد البناء قد تزيد حال التزمت إسرائيل بتزويد هذه المراكز بمواد البناء وإن كان بعض هذه المخازن يتبع  لمصانع باطون وتجار "حصمة".
 
لا جديد على آلية عمل المعابر
بدوره قال د. ماهر الطباع مدير العلاقات العامة والإعلام في غرفة تجارة غزة (منذ أن أعلن الجانب الإسرائيلي عن اتخاذ تسهيلات تتعلق بانسياب حركة البضائع وبعد سبعة أشهر على وقف إطلاق النار ما تزال كافة المعابر التجارية لقطاع غزة (معبر المنطار – معبر الشجاعية – معبر صوفا) ولا يعمل سوى معبر كرم أبو سالم وفق الآليات التى كان يعمل بها قبل الحرب الأخيرة ولم يتغير أي شيء على آلية عمل المعبر من حيث عدد ساعات العمل, وعدد الشاحنات الواردة, ونوع وكمية البضائع الواردة، والزيادة التى حدثت في عدد الشحنات الواردة جاءت نتيجة لدخول مواد البناء للمشاريع الدولية والمشاريع القطرية في قطاع غزة وكميات مقننة من مواد البناء للقطاع الخاص لإعادة إعمار قطاع غزة وما زالت إسرائيل تمنع دخول العديد من السلع والبضائع والمواد الخام والمعدات والآليات والماكينات, وفي الفترة الأخيرة منعت دخول الأخشاب إلى قطاع غزة إلا وفق مواصفات معينة وفرضت قيوداً إضافية على العديد من السلع الواردة).
 
 وعلى صعيد تنقل التجار والحركة التجارية سواء باتجاه الاستيراد والتغيير أكد الطباع أن إسرائيل ما تزال تفرض سلسلة من القيود على دخول الواردات إلى قطاع غزة, وأن الادعاءات والتصريحات الإعلامية الإسرائيلية المستمرة باتخاذ تسهيلات على المعابر لا أساس لها من الصحة على أرض الواقع فالمعبر الوحيد الذي يعمل هو معبر كرم أبوسالم وكل ما يدخل إلى قطاع غزة عبارة عن سلع تموينية واستهلاكية ووإغاثية.
 
وقال الطباع: "أما على صعيد المنتجات التى تم تسويقها بالضفة الغربية وإسرائيل أو تصديرها للخارج منذ إعلان وقف إطلاق النار وادعاء إسرائيل بالسماح بتسويق منتجات غزة الزراعية والصناعية في أسواق الضفة الغربية وإسرائيل فهي عبارة عن فرقعات إعلامية, حيث أن الكميات التى تم تسويقها خلال تلك الفترة لا تذكر. كما يواجه المصدرون والمسوقون العديد من المشاكل أثناء خروج بضائعهم من قطاع غزة ومنها عدم توفر الإمكانات في معبر كرم أبو سالم لخروج المنتجات الزراعية والصناعية إلى الخارج حيث تخضع هذه المنتجات إلى عمليات  تنزيل وتحميل لعدة مرات ما يؤثر على مستوى جودتها خصوصاً في السلع الزراعية كما تشترط إسرائيل بأن تتم عملية نقل البضائع إلى الضفة الغربية والخارج في شاحنات مغطاة (ثلاجات) وألا يتجاوز ارتفاع الطلبية عن متر هذا بالإضافة إلى مواصفات خاصة بالتغليف والتعبئة, يؤدي لمضاعفة تكاليف النقل على التاجر وبالتالي على المستهلك.
 
عملية الإعمار لم تبدأ فعلياً
أما عن أثر التسهيلات المزعومة على عملية إعادة والمطلوب اتخاذه لإحداث تسهيلات حقيقية.
 
فاعتبر الطباع أنه حتى هذه اللحظة لم تبدأ عملية إعمار حقيقية وجادة وذلك بسبب دخول كميات مقننة من مواد البناء وخاصة الإسمنت وفق الآلية الدولية لإدخال مواد البناء, والتي ثبت فشلها في التطبيق على أرض الواقع, حيث أن ما دخل من مادة الإسمنت للقطاع الخاص لإعادة إعمار قطاع غزة خلال سبعة أشهر من وقف إطلاق النار لا يتجاوز 70 الف طن وهذه الكمية تساوي احتياج قطاع غزة من الإسمنت لسبعة أيام فقط. إن استمرار منع دخول مواد البناء و على رأسها الإسمنت إلا وفق آلية روبرت سيري لن يؤثر فقط على إعاقة عملية إعادة الإعمار وجعلها تمتد لسنوات, لكنة سوف يؤثر على العديد من المشاريع الاستثمارية الخاصة في قطاع الإسكان, حيث يوجد ما يزيد عن 500 عمارة وبرج سكني في قطاع غزة متوقف العمل بهم لاحتياجها لآلاف الأطنان من الإسمنت هذا بالإضافة للخسائر الفادحة التى سوف يتكبدها المستثمرون في تلك العمارات والأبراج السكنية نتيجة لتجميد ملايين الدولارات.
 
 وقال: "حتى الآن وبعد سبعة أشهر من وقف إطلاق النار هناك العديد من الأسئلة التى تحتاج إلى إجابة ومنها متى سوف تبدأ عملية إعادة الإعمار الحقيقة والجدية لقطاع غزة؟ وكيفية حصول المواطن العادي غير المتضرر على كيس الإسمنت. وكيفية حصول المستثمرين في العمارات والابراج السكنية على كيس الإسمنت.
 
 وشدد على أن إتمام وتطبيق المصالحة الفلسطينية الحقيقية على أرض الواقع وإنهاء التجاذبات السياسية بين حركتي فتح وحماس، التي يدفع ثمنها المواطن في قطاع غزة يعد من أهم الشروط الكفيلة بتحقيق تطلعات أهالي غزة لإعادة الإعمار, ومن ثم ضروة تفعيل دور المجتمع الدولي والمؤسسات والمنظمات الدولية ورعاة السلام واللجنة الرباعية من خلال ممارستها لضغوط حقيقية على إسرائيل من أجل فتح كافة معابر قطاع غزة أمام حركة الأفراد والبضائع والعمل على إنهاء الحصار بشكل فوري, لتجنيب قطاع غزة من كارثة اقتصادية, واجتماعية, وصحية, وبيئية.
 
محاولة لإحياء شعار السلام الاقتصادي
من جهته أكد د. معين رجب استاذ الاقتصاد بجامعة الازهر أن ما أعلنته إسرائيل مؤخراً من تسهيلات ستتخذ باتجاه توسعة معبر كرم أبو سالم وأنها ستسمح بدخول قرابة 900 شاحنة يومياً يعد مقدمة للحلول الاقتصادية التي يطرحها بينيامين نتنياهو متوقعاً أن يتخذ الأخير إجراءات من شأنها أن تدخل تحسناً محدوداً على الوضع الاقتصادي من باب فرض سياسة السلام الاقتصادي كبديل عن الإلتزام بحل الدولتين.
 
وقال: "بتقديري لن يتردد نتنياهو باتخاذ تسهيلات اقتصادية متنوعة تنعكس بتأثيرات إيجابية محدودة على الاقتصاد الفسطيني مع الإبقاء في ذات الوقت على استمرار سياسة الاستيطان والتهويد، وبالتالي لن تكون هناك قيمة جوهرية لهذه التسهيلات التي ستظل في إطار ماتريده إسرائيل وما تسمح به لخدمة سياستها وأطماعها".
 
وفي هذا السياق  أشار نظمي مهنا مدير عام المعابر إلى أن التوسعة الجاري العمل على تنفيذها في معبر  كرم أبو سالم تسير بوتيرة متسارعة متوقعاً إنجاز التوسعة خلال الفترة القريبة القادمة.
 
وأكد أن الجهود المبذولة تصب باتجاه تذليل العراقيل التي تواجه حركة انسياب السلع والبضائع من وإلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم.
 
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -