ميناء غزة.. الأمل بالإنعاش الاقتصادي يتأرجح على عتبة الوحدة الفلسطينية والرفض الإسرائيلي!

ميناء غزة.. الأمل بالإنعاش الاقتصادي يتأرجح
على عتبة الوحدة الفلسطينية والرفض الإسرائيلي!
مراقبون: إسرائيل تخشى إعادة تشغيل ميناء غزة وربطها بالعالم الخارجي!
الطباع: مشروع إعادة تشغيل ميناء غزة مهم استراتيجياً على المستويين السياسي والاقتصادي!!
 
غزة- محاسن أُصرف
يرى مراقبون فلسطينيون أن إعادة تشغيل ميناء غزة البحري، يُمثل حلاً استراتيجياً في ظل الحصار الذي تفرضه سلطات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ ثماني سنوات.
وأوضح أولئك في أحاديث منفصلة لـ"الحدث" أن تنفيذ  المشروع سيترك آثاراً إيجابية على الحياة الإنسانية والاقتصادية لأكثر من 1.8 مليون فلسطيني، يُعانون أزمات غير مسبوقة، سواء بتنمية الاقتصاد الفلسطيني أو التقليل من تضخم معدلات البطالة وخلق فرص عمل لهم ناهيك عن تسهيل استيراد وتصدير البضائع بلا قيود إسرائيلية.
وتعمد سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى خنق قطاع غزة بإغلاق جميع معابره ومنافذه على العالم، باستثناء معبري كرم أبو سالم التجاري ومعبر بيت حانون إيريز، وتُشير الملاحظة اليومية لحال المعابر إلى تحكم إسرائيل في إدخال البضائع إلى قطاع غزة وفق أجندتها الرسمية حيث أنها تُغلقهما يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع، وفي الأعياد اليهودية وما يستجد لها من أسباب "عقابية" للفلسطينيين في قطاع غزة.
وبعد إطاحة الجيش المصري بالرئيس السابق محمد مرسي في تموز/ يوليو 2013، تشاركت مصر مع الاحتلال الإسرائيلي في التضييق على الفلسطينيين في قطاع غزة وعمدت السلطات المصرية إلى إغلاق المعبر بشكل دائم إلا من استثناءات محدودة جداً للمرضى والحالات الإنسانية فقط، ما أوجب العمل الرسمي على إعادة تشغيل الميناء لتلبية احتياجات إنسانية واقتصادية للفلسطينيين.
 مطلب إنساني
ويقول علاء الدين البطة، الناطق باسم اللجنة الحكومية لكسر الحصار، أن إعادة استكمال مراحل إنشاء الممر البحري الذي يربط قطاع غزة بالعالم الخارجي مطلب إنساني بالدرجة الأولى في ظل منع الاحتلال الإسرائيلي العديد من المرضى من السفر للعلاج، بالإضافة إلى إمعان السلطات المصرية في إغلاق معبر رفح البري، وأكد البطة لـ"الحدث" أن اللجنة بالتواصل مع لجان دولية وإقليمية تعني بكسر الحصار عن غزة أعلنت عن تسيير أول رحلة بحرية من الميناء نحو العالم، لافتاً إلى أن جميع المسافرين من المرضى وأصحاب الإقامات والطلبة الذين حصلوا على رسائل قبول في الجامعات الدولية.
ولم يُحدد الناطق باسم اللجنة الحكومية لكسر الحصار، الموعد الذي ستنطلق فيه الرحلة الأولى مؤكداً أن العديد من العقبات اللوجستية والسياسية تواجه الرحلة، مطالباً السلطة الفلسطينية والاتحاد الأوروبي بالتحرك الحقيقي لانتزاع حق إنشاء الميناء، وكسر الحصار عن القطاع ووضع حد لمعاناة سكانه المستمرة للسنة الثامنة على التوالي.
 
تحرر اقتصادي وسياسي
ومن جهته يؤكد رامي عبده، مدير المرصد الأورمتوسطي لحقوق الإنسان، أن إعادة فتح ممر مائي من ميناء غزة إلى العالم الخارجي أكثر الحلول فعالية لإنهاء معاناة الفلسطينيين، وقال في تصريح لـ"الحدث": "الممر المائي سيوفر للفلسطينيين التنقل الآمن إلى العالم وسيُحررهم من الاعتماد على حسن النية الغائبة عادة لكل من  إسرائيل ومصر"، في إشارة منه إلى تكرار إغلاق المعابر الحدودية للقطاع مع العالم الخارجي.
وكان المرصد الأورمتوسطي أعاد طرح مقترح الميناء البحري في إبريل/نيسان 2014 مُقدماً تصوراً كاملاً للحكومة التركية ورئاسة السلطة الفلسطينية وحكومة حماس المقالة في غزة، يُوضح فيه آلية بناء الميناء البحر والجهة المشرفة عليه ومدى قانونية والاعتبارات الأمنية لإسرائيل.
وأشار عبده في مقابلة هاتفية مع الحدث، إلى تبني العديد من الأطراف الدولية لفكرة إعادة فتح وتشغيل الممر المائي بهدف إنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة، إلا أن تلك الأطراف لم تتمكن من البدء بالتنفيذ لأسباب سياسية بالدرجة الأولى، ومن تلك الأطراف، حسب عبده، الحكومة القبرصية وألمانيا وبريطانيا، منوهاً إلى أنهم رحبوا بالفكرة وأوصوا بدعم الخطط القائمة لإعادة فتح ميناء غزة لما له من أهمية استراتيجية وإنسانية واقتصادية على حياة قُرابة مليوني غزي يرزحون منذ ثماني سنوات تحت حصار مطبق.
وفي المجال ذاته نوه عبده إلى أن الاتحاد الأوروبي بدا متقبلاً لخطة تطور الميناء، وبات يضغط على الاحتلال باتجاه تدشين ممر مائي يوجد به نقطتين أساسيتين للمراقبة الدولية إحداها في غزة والأخرى في ميناء لارنكا بقبرص من أجل ضمان عدم تهريب السلاح وفق المزاعم الإسرائيلية.
 
الأمل بإنعاش الاقتصاد
بدوره شدد الخبير في الشأن الاقتصادي ماهر الطبّاع على الأهمية الاستراتيجية التي يُحققها مشروع إعادة تشغيل ميناء غزة على المستويين السياسي والاقتصادي، وقال لـ"الحدث" سيعمد إلى تجسيد الحقوق الفلسطينية في المياه الإقليمية، بالإضافة إلى دفع عجلة التنمية الاقتصادية عبر تفعيل الحركة التجارية بين فلسطين والعالم الخارجي، وتعزيز تنمية الصادرات ورفع مستوى الدخل وخلق فرص عمل كبيرة من شأنها تخفيض نسبة التضخم في معدلات البطالة
ويؤكد مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية بغزة، على أن الأثر الأكثر إيجابية لتنفيذ مشروع إعادة تشغيل الميناء بتحرير الاقتصاد الفلسطيني من التبعية الإسرائيلية والوصول إلى اقتصاد حر قادر على التطور والنمو.
ونبّه الطبّاع إلى أهمية أن تتولى جهات دولية أمر الإشراف على التنفيذ من أجل التخلص من مشكلات حجز البضائع على المعابر التجارية التي تبتدعها بين حين وآخر القوات الإسرائيلية.
 
تخوفات إسرائيلية
واشترطت فصائل المقاومة الفلسطينية في اتفاق التهدئة الذي وقع برعاية مصرية لإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة صيف 2014 الماضي، إتمام إنشاء الميناء البحري وإعادة بناء المطار إلا أن إسرائيل أبدت اعتراضاً وأجلت بحث الملفين إلى مرحلة قادمة خلال تنفيذ بنود التهدئة، وساهمت التوترات السياسية والأمنية في سيناء باستمرار تأجيل فتح الملفين إضافة إلى إغلاق معبر رفح البري كلياً باستثناء أيام قليلة جداً للحالات الإنسانية، وحسبتصريحات، لقائد سلاح البحرية الإسرائيلية السابق أوردته صحيفة معاريف الإسرائيلية،فإن أسباب الرفض الإسرائيلي لإعادة تدشين الميناء قائم على خشيتها من أن يُصبح ميناء غزة مزاراً للسفن التركية والإيرانية، وخشيتها من التبادلية المتوقعة بين الضفة الغربية وقطاع غزة والتي من الممكن أن تمنح السلطة الحق في المطالبة بفتح معبر حر مع الأردن، بالإضافة إلى خشيتها من عدم تحقيق الرقابة على كافة البضائع التي تصل إلى غزة وصعوبة منع التهريب في داخل السفن نفسها.
وفي هذا السياق يُشير الكاتب سفيان أبو زايدة إلى تغير الموقف الإسرائيلي قليلاً في الآونة الأخيرة، وقال في مقال له نُشر مؤخراً على موقع صحيفة دنيا الوطن الإلكتروني، أن التحرك الدولي الأخير بضرورة إعادة تشغيل ميناء غزة دفع بأحد قيادات حزب الليكود إلى اقتراح إنشاء ميناء يُلبي المتطلبات الأمنية الإسرائيلية بحيث يكون على جزيرة مصطنعة بعرض البحر قبالة شواطئ غزة وتكون مرتبطة بجسر يُمكن تدمره وفصله عن الميناء إذا اقتضت الضرورة لذلك، لافتاً إلى أن الاقتراح يُمكن إسرائيل من تفتيش كل ما هو داخل أو خارج من الميناء.
ويرى أبو زايدة وهو عضو المجلس الثوري لحركة فتح أن إسرائيل باتت مضطرة لهذا الاقتراح لسببين أساسيين هما أنها باتت أكثر إدراكاً أن استمرار الحصار وإعاقة الإعمار وإغلاق المعابر من شأنه أن يؤدي إلى انفجار حتمي ستجني تبعاته السلبية في استمرار أعمال المقاومة ضدها، أما السبب  الثاني، وفق تقديره، فهو يكمن في التغيير السياسي والأيديولوجي الذي يتبناه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والقاضي باستمرار الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة من أجل استمرار تهربه من الضغوطات الدولية بحل الدولتين، ونوه إلى خطورة تنفيذ المشروع في ظل استمرار عدم توحيد النظام السياسي الفلسطيني بين الضفة الغربية وقطاع غزة في قيادة تُمثل الشعب الفلسطيني بكل هيئاته وأطيافه قائلاً: "المشروع سينطوي على مخاطر وطنية استراتيجية في حال تنفيذه دون توافق وطني ما قد يؤدي لفصل غزة عن الضفة وتعميق الشرخ بين الفلسطينيين وتكريس فكرة الكيان المستقل في غزة فقط".

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -