تحقيق: أول فلسطيني من غزة يسكن منزله بعد أكثر من
عام على تدميره كليا من قبل إسرائيل
بقلم: حمادة الحطاب
غزة 6 نوفمبر 2015 (شينخوا) لم تسع الفرحة اللاجئ عاطف الظاظا (50 عاما) وعائلته عندما دخلوا منزلهم على الحدود الشرقية لمدينة غزة للسكن فيه مرة أخرى بعد إعادة إعماره من تدمير كلي أصابه في غارة إسرائيلية.
وعائلة الظاظا المكونة من 14 فردا هي أول عائلة في قطاع غزة من أصحاب المنازل المدمرة تستطيع العودة إلى منزلها بعد مرور أكثر من عام على الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع.
وكانت مناطق شرق مدينة غزة من أكثر مناطق قطاع غزة تضررا خلال الحرب الإسرائيلية على القطاع حيث شهدت تدميرا شبه كلي للمنازل والمنشآت بقصف الطيران والمدفعية الإسرائيلية.
ويقول الظاظا الذي فقد منزله المكون من 4 طوابق "بعد أن وضعت الحرب أوزارها عدنا إلى المنزل الذي كنا قد تركناه خشية من شدة الغارات الإسرائيلية على المنطقة لكننا وجدناه كومة ركام بعد تعرضه للقصف من قبل الطيران".
ويضيف الظاظا لوكالة أنباء ((شينخوا)) وهو يشعل سيجارته مستعيدا ذكريات الحرب "ان تدمير المنزل أثر علينا سلبيا بشكل كبير وأدى إلى تشتت العائلة في منازل متعددة تم استئجارها لتؤوينا".
ويردف الظاظا وهو ينفث دخان سيجارته "مكثنا 13 شهرا في منزل مستأجر مدفوع الثمن من قبل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)".
ويتابع "بعد ذلك بدأنا بإجراءات إعادة بناء منزلنا المدمر وإعداد المخططات اللازمة ومن ثم تقديمها لأونروا ثم تلقيت اتصالا بعد ذلك بأيام من المسؤولين فيها وأبلغوني باعتماد اسمي ضمن منحة ألمانية لاعادة اعمار منزلي المدمر".
ويقول الظاظا "إن عددا من الأخصائيين الإجتماعيين والمهندسين التابعين لأونروا زاروا منزله المدمر حيث تم تقييمه وتصنيفه بأنه مدمر كليا وغير قابل للسكن وجرى تقدير كمية مواد البناء اللازمة لإعادة إعماره".
ويثني الظاطا على عمل أونروا قائلا، إنها "سارعت في تقديم طلبات للعائلات اللاجئة أصحاب البيوت المدمرة كليا والذين يمتلكون جميع الوثائق، وبعد الموافقة الإسرائيلية أصبحنا قادرين على البدء في عملية إعادة البناء".
ويشير إلى أنه "خلال 70 يوما تم بناء البيت كما كان في السابق بشكل كامل ومتكامل رغم المعيقات التي كنا نواجهها بسبب شح مواد البناء".
ويؤكد الظاظا وهو ينظر إلى منازل جيرانه المدمرة، أن فرحته بالسكن في بيته ليست كاملة لوجود آلاف آخرين في قطاع غزة لم تعمر منازلهم وما زالوا مشتتون ينتظرون العودة للسكن فيها بعد إعمارها .
ويلفت الظاظا بهذا الصدد إلى أن عملية الاعمار في قطاع غزة تسير بشكل بطيء، معربا عن أمله من تمكن جميع أصحاب البيوت المدمرة العودة الي بيوتهم كما حصل معه.
وشنت إسرائيل هجوما عسكريا واسع النطاق على قطاع غزة في الفترة من 8 يوليو حتى 26 أغسطس من العام الماضي خلف مقتل أكثر من 2200 فلسطيني وجرح ما يزيد على 10 آلاف آخرين، مقابل مقتل 73 اسرائيليا منهم 67 جنديا وجرح 1600 آخرين.
وهدم خلال الهجوم الإسرائيلي عشرات آلاف المنازل السكنية بشكل كلي أو جزئي، إضافة إلى أنه أدى لدمار هائل في البني التحتية للقطاع وتضرر كبير في شبكات تمديد الكهرباء والماء.
وإلى جانب عشرات آلاف المنازل المدمرة والمتضررة، فإن الهجوم الإسرائيلي أدى إلى تضرر أكثر من خمسة آلاف منشأة اقتصادية، ودمرت 500 منها بشكل كلي دون وجود أفق لإعمارها.
ويقول وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية ناجي سرحان ل((شينخوا))، أن وزارته تقدر وضع أصحاب البيوت المدمرة وما يعانوه من مصاعب ومشاكل بعد فقدان منازلهم.
ويضيف سرحان، "نكون سعداء عندما يعود أحد أصحاب المنازل المدمرة للسكن فيه بعد إعادة إعماره، لافتا الى أن بداية عملية اعمار حقيقي يتطلب عاملين رئيسيين الأول توفير مواد البناء، والثاني توفير الأموال".
ويوضح سرحان، أن مواد البناء لإعادة الاعمار "تأخرت حتى تم توفير جزء منها عبر ما يعرف بخطة سيري، والآن تأتي الموافقات الإسرائيلية بشكل جيد على عمليات البناء" .
ويشير إلى أن خطة إعادة الاعمار التي تعمل بها وزارته "تقوم على 3 أعوام بمعدل 3 آلاف وحدة سكنية سنويا" .
ويتابع سرحان، أنه مع مرور العام الأول للحرب فإن "ما يوجد على أرض الواقع فقط 1200 وحدة سكنية يجري العمل على بنائها رغم التعاطف الدولي مع أصحاب البيوت المدمرة".
ويؤكد أنه بتقادم الزمن يقل التعاطف الدولي، معربا عن أمله ان تفي الدول المانحة بتعهداتها في مؤتمر القاهرة بمبلغ 5.4 مليار دولار لإنقاذ المواطنين الذين مر عليهم فصلا شتاء دون مأوي .
وتعهدت الدول المانحة خلال مؤتمر عقد في القاهرة برعاية مصرية ونرويجية في 12 أكتوبر من العام الماضي بجمع مبلغ 5.4 مليار دولار يخصص نصفه لصالح إعادة إعمار قطاع غزة.
وسبق أن أكد تقرير للبنك الدولي الضعف الحاصل في صرف التزامات الجهات الدولية المانحة لتمويل عمليات إعادة إعمار قطاع غزة.
وقال تقرير البنك الدولي، إن وتيرة إعادة الإعمار في غزة تسيير ببطء شديد، مشددا على أن التحسن "مشروط بتخفيف الحصار أولا للسماح بإدخال مواد البناء بكميات كافية، إلى جانب تمويل المانحين".
ونبه التقرير، إلى أن "الوضع القائم في قطاع غزة غير قابل للتحمل" في ظل معدل البطالة في القطاع الذي أضحى الآن الأعلى عالميا بوصوله إلى 43 في المائة، في حين لا يزال 40 في المائة من السكان يقبعون تحت خط الفقر.
وكان مبعوث الأمم المتحدة السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت سيري أعلن في سبتمبر الماضي من العام الماضي، أن المنظمة الدولية توسطت للتوصل لاتفاق ثلاثي فلسطيني إسرائيلي أممي لتمكين السلطة الفلسطينية من بدء إعادة الإعمار في غزة.
وأفصح سيري في حينه، أن الاتفاق يقوم على ضمانات أمنية مشددة من خلال آلية رقابة من قبل الأمم المتحدة وفق نظام يشرف على إدخال واستخدام جميع المواد اللازمة لإعادة إعمار قطاع غزة لضمان عدم تحويلها عن أهدافها المدنية الخالص.
ويعقب المسؤول في الغرفة التجارية في غزة والخبير الاقتصادي ماهر الطباع على خطط إعادة إعمار قطاع غزة قائلا "بعد مرور أكثر من 15 شهرا لم تبدأ عملية إعادة الإعمار الحقيقية والجدية للقطاع".
ويضيف الطباع ل((شينخوا))، أن ذلك "بسبب إستمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة وإستمرار إدخال مواد البناء وفق الالية الدولية العقيمة المعمول بها حاليا".
ويوضح أن "ما تم إدخاله من مادة الأسمنت للقطاع الخاص لإعادة اعمار قطاع غزة منذ منتصف شهر أكتوبر من العام الماضي حتى الآن لا يتجاوز 234 ألف طن تقريبا وتم توزيع تلك الكميات على أصحاب المنازل المتضررة جزئيا وفق آلية الكوبونة مدفوعة الثمن".
ويشير الطباع، الى أن "الكمية لا تكفي احتياج قطاع غزة لمدة 30 يوما من مادة الاسمنت"، لافتا إلى أن القطاع "يحتاج يوميا إلى 10 آلاف طن من مادة الأسمنت فقط بخلاف مواد البناء الأخرى".