خبير اقتصادي: التعليم والتدريب المهني ينجيان من البطالة في فلسطين

خبير اقتصادي: التعليم والتدريب المهني 
ينجيان من البطالة في فلسطين
غزة 29-5-2016 وفا- محمد أبو فياض
قال الخبير الاقتصادي ماهر تيسير الطباع، مدير العلاقات العامة والإعلام في غرفة تجارة وصناعة محافظة غزة: إن تغير الواقع الفعلي للتعليم والتدريب المهني والتقني، يشكل طوق النجاة للمساعدة في التخلص من أزمة البطالة الطاحنة في فلسطين. خاصة أن هذا التعليم ما زال يعاني من واقع مرير وأليم في كل احتياجاته.
وأضاف الخبير الطباع في حديث لـ"وفا": تعد حالة ضعف ارتباط نظم التعليم والتدريب المهني بعالم العمل وانعزالها عنه من بين أهم المشكلات التي تواجه هذه النظم وتحد من فاعليتها وكفاءتها، ولمعالجة هذه الحالة لا بد من اعتماد منهجيات وآليات عملية لتأمين المواءمة بين مخرجات التعليم وتغيرات العرض والطلب على فرص العمل. حيث إن تركيبية سوق العمل وطبيعة المهن والمهارات المتغيرة التي تفرضها المستحدثات التقنية لا بد وأن تنعكس على هيكلية نظام التعليم والتدريب المهني والتقني ليحذو باتجاه القطاع الخاص بعد أن أثبتت التجارب السابقة ضعف فاعلية القطاع العام في إدارته، لذلك يتعذر على التعليم والتدريب المهني إحداث تغييرات في سوق العمل دون مشاركة فاعلة للقطاع الخاص.

وأكد ضرورة إيجاد فرص عمل جديدة وخفض معدلات البطالة، وتعزيز ثقافة التدريب المهني والتقني وتغيير مسار طلبة الثانوية نحو التخصصات المهنية والتقنية، وذلك لتجنب ما يعانيه الخريجون من حملة التخصصات الأكاديمية في فلسطين من صعوبة ومحدودية توفر فرص العمل، حيث إنه ومع ازدياد أعداد الجامعات والكليات في فلسطين زاد عدد الخريجين بشكل ملحوظ، وتشير البيانات الإحصائية إلى أن مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية تخرج سنويا حوالي 30 ألف فرد ويتم ضخهم لسوق العمل المحدود، ويبلغ عدد المتقدمين في فلسطين لامتحان شهادة الثانوية العامة في العام الدراسي 2015/2016 حوالي 81 ألف طالب وطالبة.
وأضاف أن الحصار المفروض على قطاع غزة منذ عشر سنوات ساهم في انخفاض الإنتاجية في كافة الأنشطة الاقتصادية وأصبح القطاع الخاص غير قادر على توليد أي فرص عمل جديدة، ولا يوجد أي وظائف جديدة في القطاع العام في ظل استمرار الانقسام وعدم إتمام المصالحة، وأصبحت فرص العمل معدومة للخرجين والشباب، حتى على صعيد المؤسسات الدولية فالعديد منها قلصت مشاريعها في قطاع غزة واستغنت عن العديد من الكفاءات الفلسطينية والتي أصبحت بلا عمل، كما تسبب الحصار في فقدان العديد من العمال لمهارات وحرفية العمل خصوصا في قطاع المقاولات والإنشاءات، وكل هذا أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة.
وبين أن أهمية وفرص التدريب والتعليم التقني والمهني تكمن في العديد من المحددات وهي احتياج سوق العمل الفلسطيني للعديد من التخصصات المهنية والتقنية المفقودة والنادرة والعمالة الماهرة، وتشبع سوق العمل من التخصصات الأكاديمية وارتفاع معدلات البطالة في العديد من التخصصات الأكاديمية، ويعتبر أحد الحلول الناجعة التي بادرت إليها العديد من الدول لمعالجة أزمات البطالة، اهتمام الممولين بقطاع التدريب المهني والتقني مع وجود العديد من الفرص التمويلية المتاحة، والتي يمكن استثمارها لتطوير منظومة التدريب والتعليم المهني والتقني من النواحي الكمية والنوعية.
وتابع الطباع: يعاني قطاع التدريب المهني والتقني من العديد من نقاط الضعف أهمها المركزية العالية في المعاملات المالية والإدارية وذلك من خلال الاعتماد الكامل على الوزارة، وانخفاض الدعم والمعونة المقدمة من الحكومة، وعدم القدرة على التحكم في الموارد المالية، وعدم القدرة على التحكم في الموارد البشرية، وضعف البنى التحتية من حيث المباني والأدوات والمواد الخام اللازمة للتعليم والتدريب، وضعف التخصصات والمناهج وعدم مواءمتها مع احتياجات سوق العمل، وضعف العلاقة مع القطاع الخاص، وضعف كفاءة ومهارات مخرجات التعليم والتدريب المهني والتقني، وضعف التخصصات الخاصة بالمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة، وضعف الإقبال عليه ونظرة المجتمع إليه سلبية كونه خيارا من الخيارات له بسبب محدودية تجسيره مع مراحل التعليم، إذ ينظر إليه كتعليم بنهاية مغلقة، ولا يوفر فرصاً كافية لمواصلة التعليم لمستويات أعلى، تعدّد الوزارات التي تتولى مهام وبرامج التدريب والتعليم المهني والتقني، وهذا يجعلها منظومات مجزأة ومبعثرة من حيث الحوكمة والإدارة، خاصة في ضوء ضعف التنسيق بينها.
وقال: يواجه التدريب المهني والتقني العديد من التحديات وأهمها عدم القدرة على استيعاب الأعداد المتزايدة للمتقدمين للتدريب نتيجة لعدم كفاية مساحة مركز التدريب، ومحدودية الكادر البشري، وقلة توفر المواد الخام اللازمة للتدريب، وذلك في ظل التنامي السكاني السريع وازدياد الفئات العمرية في سن العمل، وعدم استيعاب سوق العمل للأعداد المتزايدة من الخريجين من قطاع التدريب والتعليم المهني بسبب عدم مواءمتها لاحتياجات سوق العمل.
وأضاف: تكاد تكون العلاقة بين القطاع الخاص وقطاع التدريب المهني والتقني على استحياء ومحدودة وغير كافية، فعلى أرض الواقع لا يوجد تنسيق وتكامل وتشارك بالمستوى المطلوب وهذا يعكس ضعف المواءمة بين احتياجات القطاع الخاص ومخرجات التعليم والتدريب المهني والتقني، وحيث إن القطاع الخاص الفلسطيني له الدور الكبير والرافع في الاقتصاد الوطني الفلسطيني وبلغت نسبة العاملين في القطاع الخاص 66.3% في فلسطين في العام 2015 مقارنة مع 65.4% في العام 2014، وبلغت النسبة في قطاع غزة 63.1% في العام 2015 مقارنة مع 58.5% في العام 2014 ، فإنه يجب العمل على تعزيز العلاقة والمواءمة والارتباطية بين مخرجات التعليم والتدريب المهني والتقني واحتياجات سوق العمل والقطاع الخاص من النواحي الكمية والنوعية، بحسب فرص التشغيل المتوفرة، مع الأخذ بعين الاعتبار احتياجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، وهي تعتبر من أهم التدخلات والسياسات التي ستؤدي بدورها إلى تحقيق أهداف التنمية وطموحات الشباب في إيجاد فرص تشغيل والتحاقهم بسوق العمل.
وأكد ضرورة المساهمة في تمويل التعليم والتدريب المهني بالهبات والمساعدات المالية أو المادية مثل الأجهزة والمعدات للتقنيات الحديثة أو دفع أجور تدريب المدربين لزيادة تأهيلهم. والاستثمار التعليمي المنتج للقطاع الخاص في مؤسسات التعليم والتدريب المهني والتقني وضمان تجويد مخرجات التعليم وموائمتها مع احتياجات سوق العمل. وتبني القطاع الخاص للتعليم والتدريب المهني والتقني لأنه أصبح ضرورة وطنية وقومية حيث إن القطاع العام لم يحقق خلال السنوات السابقة التقدم المطلوب في هذا المجال. ومشاركة الخبراء والمختصين من القطاع الخاص في نشاطات التدريس والتوجيه المهني والإرشاد والاستشارات والاختبارات والتقويم.
ودعا إلى قيام مؤسسات القطاع الخاص بتوفير التنبؤات والتوقعات المرتبطة باحتياجات سوق العمل المستقبلية وتزويد مؤسسات التعليم والتدريب المهني والتقني بهذه المعلومات. واعتماد منهجيات مناسبة لمشاركة القطاع الخاص للارتقاء بمستوى كفاءة أداء الأطر التعليمية والتدريبية العاملة في مؤسسات التعليم والتدريب المهني والتقني مثل توفير فرص تدريبية للأطر التعليمية والتدريبية في ورشها ومشاغلها وتجهيزاتها والتي غالبا ما تكون أحدث وأكثر تطورا من مثيلاتها في مؤسسات التعليم والتدريب المهني، وتوقيع مذكرات التوأمة بين القطاع الخاص وقطاع التدريب المهني والتقني. ورفع كفاءة أداء العاملين في سوق العمل من خلال دورات تدريبية قصيرة، وتعزيز فرص التعليم والتدريب المستمر وتوفير تغذية راجعة حقيقية لتطوير وتحديث المناهج الدراسية والبرامج التدريبية وإكساب المتدربين اتجاهات العمل الجماعي في مؤسسات سوق العمل وحل المشكلات الميدانية والعملية الفنية.
وطالب بالعمل بكل الوسائل والسياسات الحكومية لجذب القطاع الخاص للمشاركة والاستثمار بالتعليم والتدريب المهني والتقني. وبتأسيس حاضنات الإنتاج والخدمات في مؤسسات التعليم والتدريب التقني. وبتوحيد الجهود بين الوزارات المعنية في هذا المجال وعلى رأسها وزارة العمل ووزارة التربية والتعليم العالي، وتفعيل وإشراك قطاع غزة في المجلس الأعلى للتعليم والتدريب المهني والتقني في فلسطين والذي تم الإعلان عن إطلاقه في شهر فبراير من عام 2016. وإعفاء القطاع الخاص من الضرائب لكافة الاستثمارات التي يقوم بها في التعليم والتدريب المهني والتقني، وإعفاء المعدات والتجهيزات المستخدمة من أي ضرائب. وتوفير موازنات كافية لتحقيق الأهداف المرجوة من التعليم والتدريب المهني والتقني.
وشدد الخبير الطباع على ضرورة تطبيق أنظمة وسياسات للاستقلالية المالية لمركز التدريب المهني والتقني وتعزيز حرية الدعم المالي والتخلص من البيروقراطية وتحفيز الموظفين ورفع قياس أدائهم، وتعزيز وتحفيز التنافس الإيجابي بين المراكز المختلفة. ودعم وتشجيع المنحى القطاعي للقطاع الخاص في القيام بدوره ومشاركته في تنمية الموارد البشرية بشكل عام، وفي التدريب والتعليم المهني خاصة، بحيث يتولى القطاع الواحد، كالقطاع السياحي والقطاعي الزراعي مثلا، المهام ذات العلاقة بتنمية الموارد البشرية في ذلك القطاع.
وركز على أهمية مشاركة مؤسسات التعليم والتدريب المهني والتقني بكفاءاتها العلمية والفنية في برامج رفع كفاءة أداء العاملين في مؤسسات سوق العمل الإنتاجية والخدمية من خلال إجراء الدراسات، وتنظيم برامج تدريبية للعاملين فيها لتطوير المهارات الفنية والإدارية، أو لإكساب مهارات جديدة لتحقيق نقلة مهنية أفقية أو رأسية. والعمل والاستمرار في تحسين جودة مخرجات نظام التعليم والتدريب المهني والتقني من خلال المتابعة والتقييم،وقياس مدى موائمة ومخرجات التدريب مع احتياجات سوق العمل. وضرورة اهتمام مؤسسات التعليم والتدريب المهني والتقني بالمهن الحرفية اليدوية والعمل على تطوير برامجها لمواكبة هذه الأنواع من المهن، خاصة في مجال السياحة والزراعة.
وتناول الأثر الاجتماعي والاقتصادي لانتشار وتطوير التعليم التقني في فلسطين، وأن انتشار التعليم المهني والتقني يؤدي إلى الارتقاء بمهارات الفلسطينيين من خلال توفير التعليم والتدريب المهني والتقني لتلبية قدراتهم وتأهيلها على تلبية متطلبات سوق العمل، وحيث إن التعليم والتدريب المهني والتقني لا يضمن للخريجين وظيفة ولكنه سيكسبهم كل المهارات الضرورية في مجال تخصصهم من أجل العمل في المجتمع المهني والرقمي بحيث يستطيعون العمل بنجاح في جميع القطاعات سواء الحكومية أو الخاصة أو في مشروعاتهم الصغيرة من خلال العمل الحر، بحيث يضمن لهم دخلا يؤدي إلى الكفاية الاقتصادية.
وقال: إن خصوصية الوضع في فلسطين في عدم الاستقرار السياسي وتدهور الأوضاع الأمنية وعدم وجود رؤية واضحة للمستقبل يجعل منه التحدي أكبر أمام الفرد الفلسطيني للتكيف والعيش في ظل الظروف المتغيرة، التي يفرضها واقع الاحتلال الإسرائيلي، حيث إن الاستقرار هو أهم ركائز التنمية، ومع كل هذه الظروف كان لا بد على الفرد الفلسطيني أن يجد طريقه للعيش مهما كانت الظروف، حيث إن المعادلة في الظروف العادية تقول إن الإصلاح في سوق العمل عن طريق إزالة الخلل التوازن في السوق هو أهم خطوات تحقيق الإصلاح في الاقتصاد التعليم، وكذلك الإصلاح في الاقتصاد عن طريق إيجاد فرص العمل هو المحرك والموجه لعملية التعليم والتدريب، ولكن في حق الفرد الفلسطيني مطلوب منه هو أن يضع الظروف التي تمكنه من العيش، على العكس تماما من الأمم الأخرى وهي إتاحة جميع الظروف وتوظيفها في خدمة الفرد.
وشدد على ضرورة تغير الثقافة والنظرة الخاصة بالتعليم والتدريب المهني والتقني لدى المجتمع. وتطوير المناهج الخاصة بالتعليم والتدريب المهني والتقني بما يتناسب مع التطور الحرفي والتكنولوجي. وتطوير البنية التحتية للتعليم والتدريب المهني والتقني من مراكز وأدوات ومعدات وأجهزة تستخدم بالتعليم والتدريب. وتطوير الكادر البشري العامل في مجال التعليم والتدريب المهني والتقني. وضرورة تطبيق الإستراتيجية الوطنية للتعليم والتدريب المهني والتقني والتي تم إقرارها في عام 2010 ولم تطبق حتى هذه اللحظة. وحث البنوك والشركات المساهمة العامة على رصد جزء من مساهمتها المجتمعية في دعم قطاع التعليم والتدريب المهني والتقني، وذلك من خلال دعم المركز ببعض الأدوات والمعدات والأجهزة التي تستخدم بالتعليم والتدريب، وتنفيذ بعض الأنشطة التي تعزز ثقافة التعليم والتدريب المهني والتقني.
وأكد الخبير الطباع ضرورة تطبيق نظام التلمذة المهنية والتي تستدعي مشاركة القطاع الخاص في تدريب الطلاب والطالبات في ظل رقابة محددة ونظام معين، حيث إن الربط مع السوق أثناء التدريب يعرف الطلاب والطالبات على بيئة العمل وتسهل أمامهم الطريق لدخول سوق العمل. وإصدار الأنظمة والتشريعات والقوانين التي تنظم و تعزز مشاركة القطاع الخاص والمجتمع المدني بتمويل التعليم والتدريب المهني والتقني والاستثمار فيه.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -