حصاد اقتصاد قطاع غزة خلال عام 2016
د.ماهر تيسير الطباع
مدير العلاقات العامة والإعلام بغرفة تجارة وصناعة
محافظة غزة
مع نهاية عام
2016 مازال الاقتصاد في قطاع غزة يعاني من سياسة الحصار التي تفرضها إسرائيل على قطاع
غزة للعام العاشر على التوالي , هذا
بالإضافة إلى الحروب و الهجمات العسكرية الإسرائيلية المتكررة على قطاع غزة والتي عمقت من الأزمة الاقتصادية نتيجة للدمار
الهائل التي خلفته للبنية التحتية و كافة القطاعات والأنشطة الاقتصادية.
كما
أن التأخر في عملية إعادة الاعمار أدي إلي تداعيات خطيرة على الاوضاع الاقتصادية
في قطاع غزة , حيث حذرت العديد من المؤسسات الدولية من تداعيات إبقاء الحصار
المفروض على قطاع غزة و تأخر عملية إعادة الاعمار على كافة النواحي الاقتصادية والاجتماعية
و الصحية و البيئية.
وإستمرت إسرائيل خلال
عام 2016 بإتباع سياساتها وإجرائاتها العقابيىة بحق قطاع غزة , والتي تمثلت بتشديد
الخناق على تنقل التجار ورجال الأعمال عبر معبر بيت حانون , وتجاوزت ذلك بإعتقال
العشرات من التجار و رجال الأعمال , كما أضافت إسرائيل العديد من السلع و البضائع
إلى قوائم الممنوعات , وكل هذا يأتي في إطار سياسة إسرائيل بتشديد الحصار وخنق
قطاع غزة.
معدلات البطالة
وشهد عام 2016 إرتفاع
في معدلات البطالة و بحسب مركز الإحصاء الفلسطيني فإن معدل البطالة في قطاع غزة قد
بلغ 43.2% في الربع الثالث من عام 2016
وتجاوز عدد العاطلين عن العمل ما يزيد عن 218
ألف شخص , وبحسب البنك الدولي فإن معدلات البطالة في قطاع غزة تعتبر الأعلى عالميا
, وإرتفعت معدلات البطالة بين فئة الشباب و الخريجين في قطاع غزة لتتجاوز 50%.
الفقر و إنعدام الأمن الغذائي
كما ارتفعت
معدلات الفقر و الفقر المدقع لتجاوز 65%
وتجاوز عدد الاشخاص الذين يتلقون مساعدات إغاثية من الاونروا و المؤسسات الإغاثية
الدولية أكثر من مليون شخص بنسبة تصل إلى 60%
من سكان قطاع غزة , وتجاوزت نسبة انعدام الأمن الغذائي 72% لدي الأسر في قطاع غزة , وبحسب أخر إحصائية صادرة عن مركز
الإحصاء الفلسطيني للفقر في الأراضي الفلسطينية في منتصف عام 2012 , أي قبل تعرض قطاع
غزة لحربي 2012 و 2014 , فإن 38.8% من سكان قطاع غزة يعيشون تحت خط الفقر الوطنى
في فلسطين و الذي يبلغ 2293 شيكل , و21.1% يعيشون تحت خط الفقر المدقع والذي يبلغ 1832 شيكل.
عملية إعادة الإعمار
بعد
مرور أكثر من عامين على إنتهاء عدوان صيف 2014 , فإن عملية إعادة الإعمار تسير
ببطء شديد بسبب إدخال مواد البناء وفق الية إعمار غزة GRMالتي
ثبت فشلها بالتطبيق على أرض الواقع حيث أن إجمالى كميات الإسمنت الواردة عبر معبر
كرم أبوسالم للقطاع الخاص لإعادة الإعمار قد بلغت حوالى 1,160,776 مليون طن
خلال الفترة السابقة وهذة الكمية تعتبر دليل قاطع على البطء الشديد في عملية إعادة
الإعمار و فشل الألية الدولية لإدخال مواد البناء GRM
, كما أن هذة الكمية لاتمثل سوى 33% من إحتياج قطاع غزة من الأسمنت , حيث
يحتاج قطاع غزة إلى ما يزيد عن 3 مليون طن خلال الفترة السابقة في الوضع
الطبيعي.
وإنعكس
ذلك بشكل واضح على بطئ شديد في عملية الإعمار , وعلى سبيل المثال ما تم إنجازه في
الوحدات السكنية المدمرة كليا , إعادة بناء 2167 وحدة سكنية من جديد من أصل
11000 وحدة سكنية دمرت كليا , وهي تمثل فقط 19.7% فقط من كافة
الوحدات التي تم تدميرها بشكل كلي , وبلغ عدد الوحدات السكنية التي في مرحلة
البناء 3002 و الوحدات السكنية التي يتوفر لها تمويل لإعادة إعمارها 1839
و الوحدات السكنية التي لا يتوفر لها تمويل لإعادة إعمارها 3992.
أما
على صعيد القطاع الإقتصادي فهو مغيب كليا عن عملية إعادة الإعمار , حيث بلغ عدد
المنشأت الإقتصادية التى تم إستهدافها في كافة القطاعات ( التجارية و الصناعية و
الخدماتية ) 5153 منشأه اقتصادية , وبلغ حجم ضررها مايزيد عن 152 مليون دولار وذلك
وفقا لتقديرات الفريق الوطنى للإعمار, وقدرت تكاليف إنعاشها وإعادة إعمارها بحسب
ما تم رصده في الخطة الوطنية للإنعاش المبكر و اعادة الاعمار بحوالي 566 مليون
دولار , لكن للأسف الشديد حتى يومنا هذا فإن المبالغ التي تم تخصيصها لإعادة إعمار
القطاع الإقتصادي تقدر بحوالي 25 مليون دولار فقط من خلال المنحة القطرية
والكويتية , وهي لاتتجاوز 16.5% من إجمالى أضرار القطاع الإقتصادي , وتم رصد معظم
تلك المبالغ لإعادة إعمار وتعويض 3200 منشأه من المنشآت الصغيرة التي تضررت بشكل
جزئي بسيط.
معبر كرم أبو سالم – الواردات و الصادرات
لم يشهد عام
2016 أي تغير في واقع المعابر , فكافة معابر قطاع غزة التجارية مغلقة باستثناء
معبر كرم أبو سالم وهو الوحيد الذي يعمل حتى اللحظة وفق الالية السابقة لما قبل
الحرب على قطاع غزة , فلم يتغير أي شيء على آلية عمل المعبر من حيث ساعات العمل , عدد
الشاحنات الواردة , نوع وكمية البضائع الواردة , والزيادة التي حدثت في عدد
الشاحنات الواردة نابعة من زيادة عدد الشاحنات الواردة للمساعدات و دخول مواد
البناء للمشاريع الدولية و المشاريع القطرية العاملة في قطاع غزة و كميات مقننة من
مواد البناء للقطاع الخاص لإعادة إعمار قطاع غزة.
ومازالت
إسرائيل تمنع دخول العديد من السلع و البضائع و المواد الخام و المعدات و الآليات
و الماكينات و على رأسها مواد البناء و التى تدخل فقط و بكميات مقننة وفق ألية
إعمار غزة لإدخال مواد البناء ( الاسمنت –
الحصمة – الحديد – البوسكورس).
ومن
خلال رصد حركة الشاحنات الواردة عبر معبر كرم أبو سالم و أيام الاغلاق خلال عام
2016 , فقد بلغ عدد أيام إغلاق معبر كرم أبو سالم 132 يوم خلال عام 2016 وهو ما يمثل 36% من عدد أيام العام .
وبلغ
عدد الشاحنات الواردة إلى قطاع غزة 107479 شاحنة خلال
عام 2016 , مقارنة مع 93123 شاحنة واردة إلى قطاع خلال عام 2015 من مختلف الأصناف المسموح دخولها إلى قطاع غزة ,
وبلغت نسبة الإرتفاع في عدد الشاحنات الواردة 13.5% خلال عام 2016 , و بلغ
متوسط عدد الشاحنات اليومية الواردة إلى قطاع غزة 294 شاحنة خلال عام 2016.
وعلى
صعيد خروج البضائع من قطاع غزة , فقد بلغ عدد الشاحنات الصادرة 2129 شاحنة إلى
أسواق الضفة الغربية و الأسواق الإسرائيلية و الخارج , وهذا يمثل 42% من عدد
الشاحنات الصادرة من قطاع غزة قبل فرض الحصار.
التوقعات الاقتصادية للعام القادم 2017
السيناريو المتشائم
يستند
هذا السيناريو الى فرضية أن الوضع السياسي و الاقتصادي سيشهد مزيدا من التدهور
خلال عام , 2017 وهو المتوقع والمرشح
للحدوث في ظل المؤشرات الحالية الداخلية و الخارجية , فعلى الصعيد الداخلى مازالت
حالة الانقسام الفلسطيني مسيطرة على أرض الواقع و لا يوجد مصالحة حقيقة , حتى على
صعيد حكومة الوفاق الوطنى لم يشعر المواطن في قطاع غزة بأي تغيرات جوهرية , وما
زال المواطن يعاني ويدفع ثمن عدم الوفاق و استمرار الحصار.
أما
على الصعيد الخارجي لا يوجد أي حلول تلوح بالأفق فالمفاوضات مع إسرائيل متوقفة و
متعثرة و الاوضاع قابلة للاشتعال مرة أخرى وفي أي لحظة في ظل التعنت الإسرائيلي ,
حتى على الصعيد الإقليمي فالأوضاع غير مستقرة .
كما
ان استمرار وبقاء الحصار المفروض على قطاع غزة منذ عشر سنوات , والتباطؤ في عملية
إعادة الإعمار سوف يؤديان إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية لقطاع غزة , وسوف تزداد
الاوضاع الاقتصادية سوءا في عام 2017 , و يؤدي ذلك إلى مزيدا من الإرتفاع في
معدلات البطالة والفقر و انخفاض في معدلات النمو الاقتصادي يؤدي إلى انخفاض قيمة
الناتج المحلي الإجمالي ، وانخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي , وانخفاض
إجمالي الاستهلاك و إجمالي الاستثمارات الخاصة و العامة.
السيناريو
المتفائل
يستند
هذا السيناريو إلى افتراض تحسن الوضع الاقتصادي والسياسي في فلسطين و إلى تطبيق
المصالحة الفلسطينية على أرض الواقع و إنهاء أثار الانقسام الفلسطيني و تفعيل دور
حكومة الوفاق الوطني في قطاع غزة و إنهاء الحصار وفتح كافة المعابر التجارية
وإدخال كافة احتياجات غزة من السلع والبضائع والآليات و المعدات دون
قيود أو شروط أو رقابة و على رأسها مواد البناء , والسماح بتسويق وتصدير منتجات
قطاع غزة الصناعية و الزراعية لأسواق الضفة الغربية و العالم الخارجي دون قيود أو
شروط , و البدء بعملية إعادة إعمار حقيقة لقطاع غزة سوف توفر فرص العمل لعشرات الآلاف
من العمال العاطلين عن العمل , و حل الأزمات التي يعاني
منها قطاع غزة و من أبرزها، استمرار
انقطاع الكهرباء، وشح المياه.
كل
هذا سوف يساهم في تحسن الأوضاع الاقتصادية و انخفاض معدلات البطالة و الفقر و
زيادة في النمو الاقتصادي تنعكس بالإيجاب على الناتج المحلى الإجمالي وعلى نصيب الفرد
, و انتهاء حالة الركود الاقتصادي التى يمر بها قطاع غزة.
وفي النهاية فإن كافة
المؤشرات السابقة تؤكد بإن قطاع غزة حاليا دخل في مرحلة الإنهيار الإقتصادي , واصبح
نموذج لأكبر سجن
بالعالم , بلا إعمار, بلا معابر, بلا ماء , بلا كهرباء , بلا عمل , بلا دواء , بلا
حياة
, بلا تنمية , ويجب أن يعلم الجميع بأن الخناق يضيق بقطاع غزة و الإنفجار قادم لا
محال , و أصبح المطلوب من المؤسسات و
المنظمات الدولية الضغط الفعلى على إسرائيل لإنهاء حصارها الظالم لقطاع غزة وفتح
كافة المعابر التجارية وإدخال كافة إحتياجات قطاع غزة من السلع و البضائع وعلى
رأسها مواد البناء دون قيود وشروط.